بقلم: عزيز بن جميع
لم يكن افتتاح “أيام قرطاج المسرحية” هذا العام على قدر انتظارات عشّاق الفن الرابع. الحفل بدَا رسميًا أكثر مما يجب، محمّلاً بالكلمات البروتوكولية والأجواء الإدارية التي كادت تُطفئ شرارة الحدث. ورغم براعة المنشّط الشاب وثقة أدائه، ورغم كلمة فتحي العكاري التي منحت شيئًا من الدفء، إلا أنّ الافتتاح بقي باهتًا… إلى أن ظهر يحيى الفخراني.
“الملك لير”... عودة الروح
بمجرّد أن اعتلى أسطورة المسرح المصري خشبة “الملك لير” في نسخته التي قدّمها المسرح الوطني المصري، تغيّر كل شيء. عاد الجمهور إلى زمن الألق؛ زمن النصوص العربية المهيبة، زمن المسرح الذي يخاطب العقل والوجدان لا المراسيم والخطب.
العرض قدّم صراعًا إنسانيًا خالدًا: كيف يمكن لكرسي الحكم أن يحوّل العائلة إلى ساحة خراب؟ كيف يصبح الطمع أقوى من روابط الدم؟ أسئلة قديمة لكن الفخراني جعلها تنبض من جديد، بعمق أداء لا يقدّمه إلا من صقلته التجارب والسنوات.
دموع الفخراني... لحظة لن تُنسى
في نهاية العرض، لم يكن المشهد الختامي جزءًا من المسرحية فقط، بل جزءًا من حقيقة الفنان نفسه: دموع، تأثّر، تواضع، وروح طفولية لا تشي بأن الرجل أحد أهم نجوم التمثيل في العالم العربي. كان صادقًا، بشريًا، قريبًا من الجمهور كما لم يكن أي فنان آخر في تلك الليلة.
إنقاذ فعلي لافتتاح مرتبك
هكذا تحوّل عرض “الملك لير” إلى طوق نجاة أنقذ افتتاح الدورة من رتابة كادت تُضعِف بريقها. الفخراني لم يقدّم مسرحية فحسب، بل أعاد الاعتبار للغة العربية على الخشبة، وأعاد الجمهور إلى جوهر المسرح: الفن، الفكرة، والإنسان.



