تشهد تونس في السنوات الأخيرة تحولات اجتماعية وأمنية متسارعة، أفرزت واقعا معقدا يتسم بارتفاع معدلات الجريمة وتنوع أشكالها، مما يفرض تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الدولة على احتواء الظواهر الإجرامية ومعالجتها معالجة جذرية، فالجريمة لم تعد مجرد أفعال معزولة أو منحرفة عن السياق العام، بل أصبحت ظاهرة مترسخة تعكس أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متشابكة وتستلزم بالتالي استجابة متعددة الأبعاد تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية التي أثبتت محدوديتها، وبين تصاعد جرائم القتل وارتفاع الجرائم الإلكترونية واستفحال الفساد المالي وتنامي المخاطر الإرهابية وتفشي المخدرات بين الشباب باتت التحديات أكثر تعقيدا ما يجعل البحث عن حلول مستدامة ضرورة ملحة وليس مجرد خيار مطروح.