قرأت لأحدهم يقول - في ما معناه-: لي صديقٌ نأى بنفسه عن نشر أعماله رغم كثرتها وقد كتبها على مدار أربعة عقود من الزّمن خلت، لسبب بسيط أنه لم يكُ مقتنعا بما خطّته يمينه وقد حاسب نفسه قبل أن توضع أعماله على مقصلات الغير فيذبح من الوريد إلى الوريد، وصاحبنا هذا إذ يمدح في سياق كلامه صاحبه المفوّه صاحب العلم الغزير والكتابة الرصينة وغير ذلك كثير، إلى أن وصل لجزئيّة السيرة الذاتية الأكاديميّة حيث صاحبه يحمل شهادة بروفيسور ومدرس بالجامعة، لينهي معرض كلامه بعقد مقارنة بينه وبين من هم في بداية عقدهم الثالث أو أقلّ من ذلك ولهم أعمال منشورة غزيرة غزارة غيث فصل الشتاء.صاحبنا عندما ركز على الشهادة الأكاديمية أعتقد بأنه جانب الصواب لأن كثيرا ممن يحوزون كبريات تلك الشهادات برهن مستواهم الكتابي على أنهم بطيخ وبلوط فالعبرة ليست بالشهادة وأنا أعرف عزّ المعرفة أشخاصا كانت العصاميّة منهجا لهم نحو شرفات التألق والتأنق والنجاح، كذلك أعرف آخرين بدأوا الكتابة في ربيع أعمارهم وقد بلغوا شأوا عظيما في حاضرهم وماضيهم.