✒ في خضم التصعيد المتواصل في غزة، فجّرت وكالة رويترز اليوم الجمعة مفاجأة مدوية، بنشرها تفاصيل الخطة الأمريكية الجديدة التي يقودها مبعوث الرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، لإنهاء النزاع الدموي بين إسرائيل وحماس. الخطة التي وُصفت بأنها “الفرصة الأخيرة” تتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا وإفراجًا متبادلًا عن رهائن وسجناء — لكنها سرعان ما تحولت إلى محور جدل حاد داخل أروقة السياسة والدبلوماسية.
بنود مثيرة ومكشوفة: ماذا في التفاصيل؟
وفقًا للتفاصيل المسربة:
✅ وقف إطلاق نار شامل لمدة 60 يومًا، بضمانات شخصية من الرئيس ترامب.
✅ الإفراج خلال الأسبوع الأول عن 10 رهائن إسرائيليين أحياء و18 جثة لرهائن قُتلوا في غزة، نصفهم يوم الهدنة الأول، والنصف الآخر في اليوم السابع.
✅ بالمقابل، إفراج إسرائيل عن 125 أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالمؤبد، و1,100 معتقل احتُجزوا بعد 7 أكتوبر 2023، وتسليم رفات 180 فلسطينيًا قتلوا خلال الهجمات الإسرائيلية.
✅ إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر فور موافقة حماس.
✅ إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في القطاع على مرحلتين يتم التفاوض عليهما مسبقًا.
✅ مفاوضات مكثفة خلال الهدنة للتوصل إلى اتفاق نهائي يتضمن بقية ملفات الأسرى والانسحاب الإسرائيلي والترتيبات الأمنية والإدارية لما بعد الحرب.
ردود متباينة: ترحيب إسرائيلي وتحفظات حمساوية
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن إسرائيل وافقت مبدئيًا على المقترح حتى قبل تسليمه لحماس، في مؤشر على “مرونة” إسرائيلية مستجدة.
لكن داخل أروقة حركة حماس، يبدو الوضع مختلفًا تمامًا. مصادر مطلعة كشفت لـرويترز أن الحركة تنظر بشكوك إلى بعض البنود، وتخشى من غياب ضمانات تمنع إسرائيل من الانسحاب من الاتفاق كما حدث في مارس الماضي.
أحد أعضاء المكتب السياسي لحماس صرّح بأن الخطة تبدو “منحازة أكثر لإسرائيل”، خصوصًا مع عدم وضوح نصوصها بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل انهيار الهدنة السابقة، إضافة إلى استمرار العمل بـ”صندوق غزة الإنساني” المثير للجدل بدلًا من قنوات المساعدات القديمة.
الولايات المتحدة: حذرة وغير متفائلة
في واشنطن، قال مسؤولون إن احتمالات اختراق حقيقي تبدو أضعف مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 24 ساعة فقط. البيت الأبيض أقر بأن المفاوضات لا تزال “في مرحلة حرجة”، وأن إعلان أي اتفاق لن يتم إلا عبر الرئيس ترامب شخصيًا أو مبعوثه ويتكوف.
العقدة الأساسية: الثقة المفقودة
تكمن المعضلة الكبرى في عدم الثقة المتبادلة. تريد حماس ضمانات حقيقية تمنع إسرائيل من استخدام الهدنة تكتيكيًا، بينما تخشى إسرائيل من أن يتحول أي وقف لإطلاق النار إلى فرصة لإعادة تسليح حماس. أما واشنطن، فتسير على حبل مشدود بين طرفين متصلبين، وهي تدرك أن أي فشل جديد قد يفجر الوضع أكثر.
هل نحن أمام تسوية حقيقية أم مسرحية سياسية؟
برغم كل ما قُدّم، تبدو الخطة الأمريكية كنسخة مطورة من مقترحات سابقة فشلت، ما يطرح سؤالًا خطيرًا:
هل ينجح ترامب في تسويق خطة تتضمن “سلامًا مرحليًا” لمدة 60 يومًا فقط؟ أم أن المقترح مجرد محاولة لتبريد الجبهة قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة؟
كل الأنظار تتجه الآن إلى حماس، التي تحمل بيدها مفتاح القبول أو الرفض. في المقابل، تبقى غزة تحترق… بانتظار جواب قد يغير المعادلة، أو يضيف إلى سجل الفشل في واحدة من أكثر بؤر النزاع تعقيدًا في العالم.