بعد سنوات من الاضطرابات الحادة والتقلبات العنيفة، تتجه أنظار المستثمرين إلى عام 2026 بوصفه مرحلة مختلفة في مسار الأسواق المالية، عنوانها الأبرز: الاستقرار بدل المغامرة. تقارير مالية حديثة، مدعومة بتحليلات خبراء “فوربس”، ترجّح أن يكون العام المقبل أقل توتّرًا، مع تباطؤ التضخم واستقرار أسعار الفائدة، ما يفتح الباب أمام نمو تدريجي ومستدام، وإن كان أقل إثارة.
الخبراء يرون أن هذا الهدوء النسبي قد لا يرضي عشّاق الأرباح السريعة، لكنه يشكّل بيئة صحية للمستثمرين على المدى الطويل، خصوصًا العائلات وأصحاب المحافظ المتوسطة. فبحسب سايمون مور، أحد أبرز مساهمي فوربس، ستواصل البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة بشكل حذر، دون العودة إلى مستويات الفائدة المتدنية جدًا التي ميّزت العقد الأول من الألفية، إلا في حال وقوع صدمة اقتصادية كبرى.
الادخار والقروض: معادلة أكثر صرامة
في المقابل، من المنتظر أن تتراجع عوائد المدخرات والشهادات الادخارية مقارنة بالسنوات الأخيرة، بينما ستظل القروض مكلفة نسبيًا، ما يجعل إدارة الديون أولوية قصوى للمقترضين. أما القروض العقارية، فمرشّحة لانخفاض طفيف، دون أن تعود إلى مستويات “طفرة العقار”، وهو ما قد يمنح بعض المالكين فرصة لإعادة التمويل، في حين سيواجه المشترون الجدد سوقًا أكثر تعقيدًا.
الأسهم: انتقائية بدل الاندفاع
في سوق الأسهم، يتوقّع المحللون تحوّل البوصلة من “القصص الرنانة” إلى الأرباح الحقيقية. فالشركات ذات الإدارة المتوازنة والديون المضبوطة ستكون الأوفر حظًا، بينما تبقى الأسهم الأمريكية الكبرى محور الاهتمام، وإن بتأثير أقل هيمنة. كما يُنتظر أن تلعب صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة دورًا محوريًا للمستثمرين الباحثين عن نمو ثابت.
التنويع العالمي يعود بقوة
عام 2026 قد يكون أيضًا عام إعادة الاعتبار للتنويع العالمي، مع فرص واعدة في الأسواق المتقدمة مثل أوروبا واليابان، إلى جانب الأسواق الناشئة التي تحمل مكاسب محتملة أعلى، لكنها أكثر تقلبًا. ويُنصح باللجوء إلى صناديق المؤشرات الدولية الواسعة كخيار متوازن.
التقاعد والسندات: عودة الأمان
بالنسبة للمدخرين للتقاعد، يوفّر العام المقبل فرصة لتعزيز الادخار المنتظم والاستفادة من مساهمات أصحاب العمل وحسابات Roth، إلى جانب الدمج الذكي بين الأسهم والسندات. ويؤكد الخبراء أن السندات والأدوات النقدية بدأت تستعيد جاذبيتها، بما توفره من استقرار وحماية للمحافظ، خاصة لمن يقتربون من سن التقاعد.
الخلاصة
2026 لن يكون عام المفاجآت الصاخبة، بل عام الانضباط المالي والخيارات الذكية. فبدل مطاردة “الأسهم الساخنة”، يبدو أن الرابحين الحقيقيين سيكونون أولئك الذين راهنوا على التخطيط الهادئ، والادخار المنتظم، والتنويع المدروس، في أسواق تستعيد أنفاسها بعد سنوات من الاضطراب.



