بقلم: [عزيز بن جميع]
في قاعة "صوفي القلي" بمدينة الثقافة، سيكون عشاق السينما مساء الغد على موعد مع عرض الفيلم القصير "فراغ"، أحدث أعمال المخرجة فدوى المنصوري، التي تُعيد من خلاله الاعتبار لصوت نسائي خافت، مُهمَّش، لكنه حاضر في ذاكرة كل بيت.
"فراغ" ليس فقط عنوان الفيلم، بل هو شعور يتسلل للمُشاهد منذ اللقطة الأولى، حيث تستعرض المنصوري عزلة أمّ متقاعدة تُجسّدها ببراعة الممثلة كوثر بالحاج، في دور لا يحتاج إلى كلمات، بل يفيض من خلال الصمت والنظرات المرتجفة.
📽️ البيت الذي يتحوّل إلى فراغ ناطق
ينطلق الفيلم من لحظة الإحالة على التقاعد، لتجد الأم نفسها وجهاً لوجه مع جدران كانت بالأمس شاهدة على الحياة، وغدت اليوم مجرد صدى لغياب من كانوا فيها. المنزل فقد صوته، والصمت صار ضجيجًا لا يُحتمل. كل لقطة، كل إضاءة، وكل همسة تخدم بناء شعوري متماسك: زمن الأم انتهى... أو هكذا يُراد له أن ينتهي.
🎭 كوثر بالحاج... عندما يكون الأداء أبلغ من الحوار
تقدّم كوثر بالحاج دورًا لا يُنسى، تهمس فيه أكثر مما تتكلم، تبكي دون دموع، وتحب دون أن تُجاب. في مشهد تُخاطب فيه صورتها، ومشهد آخر تُحادث فيه ابنها عبر الهاتف كغريبة، نُدرك عمق الألم الذي يُسكنه السيناريو في ملامحها.
🎞️ سينما الصمت... والكاميرا التي لا تتطفّل
اختارت فدوى المنصوري أن يكون الصمت هو البطل الثاني للفيلم. لا حوارات زائدة، لا صراخ، بل كاميرا تتنقّل برفق، تخترق هشاشة المشهد اليومي، وتُعري اللامرئي: الوحدة، الخذلان، ومرارة أن تكون زائداً عن الحاجة في حياة من أحببتهم.
🕯️ دعوة لمصالحة مع ذواتنا
فيلم "فراغ" لا يُدين أحدًا، لكنه يُحرّك سؤالاً مؤلمًا فينا جميعًا: هل تذكرنا أن نسأل عن أمهاتنا؟
إنه عملٌ موجز في الزمن، لكنه عميق الأثر، يهمس أكثر مما يصيح، ويُوقظ أكثر مما يُدين.
📍 الموعد:
الخميس 26 جوان 2025، الساعة 18:00
قاعة صوفي القلي – مدينة الثقافة
الدعوة مفتوحة... لا تفوّتوا الفرصة!
🧩 "فراغ": صرخة ناعمة في وجه النسيان
فيلم فدوى المنصوري يُجبرنا على التوقّف، ولو لدقائق، لنرى ما لا نراه في دوامة الحياة اليومية.
إنه هدية للأمهات المنسيات، ومرآة لكل من نسي أن الأم ليست جزءًا من الأثاث... بل هي الذاكرة.