كشف تقرير جديد صادر عن الهيئة الفرنسية للدفاع عن الحقوق، الخميس، عن تزايد مقلق في مظاهر التمييز على أساس الدين داخل المجتمع الفرنسي، مؤكّدًا أن المسلمين هم الفئة الأكثر استهدافًا بهذه الممارسات.
ووفق الاستطلاع الذي اعتمد عليه التقرير، قال واحد من كل ثلاثة مسلمين في فرنسا إنه تعرّض للتمييز، أي 34% من المستجوبين المسلمين أو الذين يُنظر إليهم على أنهم مسلمون، مقابل 19% من معتنقي ديانات أخرى، و4% فقط من المسيحيين. كما ارتفعت النسبة إلى 38% بين النساء المسلمات مقارنة بـ 31% بين الرجال، في مؤشر واضح على هشاشة وضع المرأة المسلمة داخل الفضاء العام والمهني.
التقرير نبّه إلى أنّ التمييز لا يقف عند حدود السلوكيات الفردية، بل يتحوّل إلى إقصاء فعلي، خاصة بالنسبة للمحجبات اللواتي يعانين — وفق الهيئة — من الوصم في الأماكن العامة، وقيود صارمة تعرقل مسارهن المهني. ووصل الأمر ببعضهن إلى ترك الوظائف، أو قبول أعمال لا تتماشى مع مؤهلاتهن، أو التوجّه نحو العمل الحر بسبب صعوبة الاندماج في سوق الشغل. كما أشار التقرير إلى أنّ بعض النساء يمنعن حتى من ممارسة الرياضة.
وبحسب المعطيات، فإن 7% من سكان فرنسا قالوا إنهم تعرّضوا للتمييز الديني خلال السنوات الخمس الماضية، مقابل 5% فقط سنة 2016، ما يبرز منحى تصاعديًا متواصلاً.
وتضم فرنسا واحدة من أكبر الجاليات المسلمة في أوروبا، أغلبها من شمال إفريقيا، غير أن طبيعة النظام الفرنسي — الذي يمنع جمع البيانات على أساس العرق أو الدين — تجعل تشخيص هذه الظاهرة أكثر صعوبة.
واعتمدت رئيسة هيئة الدفاع عن الحقوق، كلير هيدون، على استطلاع سنة 2024 الذي شمل خمسة آلاف مشارك يمثلون المجتمع الفرنسي، لتكوين صورة عريضة عن حجم التمييز.
التقرير تطرّق أيضًا إلى سوء فهم واسع للعلمانية الفرنسية، حيث اعتبر ربع المشاركين في استطلاع آخر أن العلمانية تعني "حظر الرموز الدينية في الأماكن العامة"، وهو تفسير خاطئ — وفق الهيئة — لأن قانون 1905 ينص على حرية المعتقد وفصل الدين عن الدولة، ولا يمنع ارتداء الرموز الدينية في الفضاء العام.
وحذّر التقرير من أن بعض الإجراءات السياسية التي يتم اتخاذها باسم حماية العلمانية، مثل منع الحجاب في مؤسسات معينة، لا تساهم في معالجة التمييز بل تعمّقه، داعيًا إلى تثقيف أوسع حول مفهوم العلمانية وتطبيق سياسات أكثر عدلاً تجاه المجموعات الدينية المختلفة.
تقرير الهيئة يعيد إلى الواجهة السؤال القديم الجديد:
هل ما تزال حياة مئات الآلاف من المسلمين في فرنسا تُحكم بفهم خاطئ للعلمانية، أم أن التمييز أصبح واقعًا تُخفيه القوانين وتؤكده التجارب اليومية؟



