في تطوّر ميداني غير مسبوق، دفع اختراق مسيّرات مجهولة لأجواء تسع دول أوروبية، حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى إطلاق مناورات عسكرية واسعة النطاق، شاركت فيها مقاتلات إف-35 وتايفون، إلى جانب وحدات بحرية وبرية وسيبرانية، في استعراض واضح للجاهزية الدفاعية والتكنولوجية في مواجهة ما وُصف بـ"تهديد غامض ومتعدد الأبعاد".
ووفق مصادر أوروبية مطّلعة، فإن التحليق المتزامن للمسيّرات أثار حالة استنفار قصوى داخل قواعد الناتو، خاصة في بولندا وألمانيا والسويد ودول البلطيق، وسط مخاوف من أن يكون الاختراق اختبارًا لقدرات الدفاع الأوروبية أو رسالة أمنية موجهة من جهة معادية.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنّ أوروبا تواجه "حربًا رمادية" جديدة، في إشارة إلى العمليات الهجينة غير المعلنة التي تستهدف الأمن الأوروبي من خلال الهجمات السيبرانية والطائرات المسيّرة. وأضافت:
"لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النمط من التهديدات. بحلول عام 2030، سنبني جدارًا تقنيًا أوروبيًا قادرًا على رصد وتدمير المسيّرات في لحظات".
وفي خضمّ حالة التأهب، صادقت الحكومة الألمانية على قانون جديد يخول للشرطة والأجهزة الأمنية إسقاط أي مسيّرة مجهولة الهوية تدخل الأجواء الوطنية دون ترخيص، في خطوة وصفتها الصحف الألمانية بأنها “تحوّل نوعي في العقيدة الأمنية الداخلية”.
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الاختراقات، توجهت أصابع الاتهام الأوروبية نحو روسيا، متهمةً إياها بالوقوف وراء “الهجمات الرمادية”، لكن موسكو نفت بشكل قاطع تورطها، معتبرة أن الاتهامات “تندرج ضمن خطاب عدائي يستهدف تأزيم العلاقات مع الغرب”.
ويرى خبراء أن هذه الحادثة تمثل إنذارًا استراتيجيا للناتو، في ظل تصاعد “حروب التكنولوجيا الصامتة” بين القوى الكبرى، وتحول الطائرات المسيّرة إلى أداة ضغط جيوسياسي قادرة على شلّ المجال الجوي الأوروبي دون إطلاق رصاصة واحدة.