سان نازير، فرنسا — تواصل ناقلة النفط الروسية «بوراكاي» رحلتها إلى قناة السويس بعد اعتراضها من قبل السلطات الفرنسية، بحسب بيانات منصتي تتبّع الملاحة «مارين ترافيك» و«فيسل فايندر». الناقلة، المسجّلة تحت علم بنين، أُوقفت السبت الماضي قبالة السواحل الفرنسية، فيما أفادت باريس بأنها محمّلة "بكمية كبيرة من النفط الروسي" ومتجهة إلى الهند، وتخضع لعقوبات أوروبية.
أعلنت السلطات الفرنسية توقيف اثنين من أفراد طاقم السفينة، بينما أفاد مكتب النائب العام في بريست بأن الموقوفين قدما نفسيهما كقبطان الناقلة ونائبه، وجرى فتح تحقيق بتهم تتعلق بـ"عدم تقديم وثائق تثبت جنسية السفينة وعلمها" و"رفض الامتثال للأوامر". نشرت صور تظهر الناقلة متوقفة قبالة سان نازير في 1 أكتوبر 2025 مع عناصر من القوات الفرنسية على متنها.
في سياق متصل، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة في كوبنهاغن على ضرورة تكثيف ضغوط الدول الأوروبية بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي لمواجهة ما وصفه بـ"الأسطول الشبح"، مؤكداً أن الدول الأوروبية يجب أن تكون قادرة على الرد بحزم على أيّ اختراق أمني، حتى على مستوى الطائرات المسيّرة.
تأتي هذه الحادثة بعد مرور الناقلة قرب المياه الدنماركية قبل أسبوع، حيث رُصدت تحركات مشبوهة لطائرات مسيّرة فوق مطارات وأدت إلى تعطيل ملاحة جوية. تشير تقارير متخصصة إلى وجود اشتباه بأن الناقلة استُخدمت كـ"منصة إطلاق" أو أداة تمويه لهذه الطلعات، لكن هذه المزاعم لا تزال محل تحقيق.
ماذا نعرف عن «الأسطول الشبح» الروسي؟
- المفهوم: يُستخدم مصطلح "الأسطول الشبح" لوصف شبكة من ناقلات النفط المرتبطة بروسيا والتي تُستخدم للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على صادرات الطاقة الروسية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا (2022).
- أساليب العمل: تشمل التكتيكات تعطيل أنظمة التتبع (مثل إيقاف نظام الـAIS)، تغيير هوية السفن أثناء الرحلات، تسجيل السفن بأسماء شركات وهمية، وعمليات النقل من سفينة إلى أخرى في عرض البحر (ship‑to‑ship transfers) لإخفاء وجهة وشحنة النفط.
- الهيكلة الإدارية: تُدار هذه الشبكة عبر شبكة معقّدة من شركات واجهة (sociétés écrans) مسجّلة في دول متنوّعة مثل الإمارات والصين والهند، ما يزيد من صعوبة تتبّع الملكية الحقيقية للشحنات.
- حجم وتأثير: تقديرات متباينة تشير إلى أن الأسطول قد يضم ما بين 600 و1000 ناقلة — نحو 20% من أسطول ناقلات النفط العالمي — وأنه ينقل نسبة كبيرة من صادرات النفط الروسية إلى أسواق آسيا، لا سيما الصين والهند، ما يجعل منه آلية رئيسية لتجاوز العقوبات. (هذه أرقام تقديرية وتختلف بحسب مصادر التقييم).
- انعكاسات سياسية وأمنية: استخدام الأسطول لالتفاف العقوبات يثير توجّهات لزيادة التعاون الاستخباراتي والقيود التنظيمية بين الدول الغربية، كما يسلط الضوء على الحاجة إلى إجراءات دولية أكثر صرامة لمراقبة تسجيل السفن والعمليات البحرية العابرة.
الموقف القانوني والعملي
قضايا مثل توقيف «بوراكاي» تبيّن مدى تعقيد المواجهة: فبينما تمتلك الدول صلاحية توقيف سفن يشتبه في خرقها لقوانين أو عقوبات، فإن إثبات الروابط المباشرة بين الناقلات ودوائر رسمية أو تجارية روسية يتطلب تحقيقات مالية وقانونية عابرة للحدود، كما يستدعي تنسيقاً دولياً في التعقب وتبادل البيانات البحرية والمالية.