تونس – 14 ماي 2025

تتجه الأوضاع داخل أسوار النادي الإفريقي إلى مزيد من التأزيم، بعد أن أقدم عدد من المنخرطين الجدد لموسم 2024–2025 على خطوة قانونية غير مسبوقة في تاريخ النادي، تمثلت في تقديم شكاية جزائية ضد الهيئة المديرة الحالية برئاسة يوسف العلمي، متّهمين إياها بـ"التستر على حقيقة الوضعية المالية" و"رفض تطبيق القانون الأساسي" رغم المطالب المتكرّرة.

تحرّك غير مسبوق... وصبر نفد

انطلقت القصة منذ أوت 2024، حين طالب عدد من المنخرطين الجدد بعقد جلسة عامة خارقة للعادة يكون جدول أعمالها الأول التدقيق في القوائم المالية للنادي خلال الموسم الرياضي المنقضي. ووفق ما ورد في نص البلاغ، فإنّ الطلب استند إلى ما يتيحه القانون الأساسي للنادي، في فصله الخاص بصلاحيات الهيئة المديرة والتزاماتها تجاه المنخرطين.

غير أنّ الهيئة المديرة، وفقًا لنفس المصدر، لم تكتفِ برفض المطالب شفاهيًا، بل امتنعت عن تقديم أي توضيحات، ما اعتبره المنخرطون "إصرارًا على تغييب الشفافية ومؤشرا خطيرًا على وجود تجاوزات مالية تستوجب التحقيق".

اللجوء إلى القضاء... وسقوط ورقة التوت

في تطور لافت، كلّف المنخرطون يوم 13 ماي 2025 الأستاذ محمد ياسين بن ساسي، المحامي لدى التعقيب، بتقديم شكاية جزائية لدى وكيل الجمهورية ضد الهيئة المديرة، تتضمن طلب فتح تحقيق في شبهة سوء تصرف مالي.

كما تم تكليف ثلاثة خبراء محاسبين بمهمة إجراء تدقيق مستقل على القوائم المالية للنادي، وهي خطوة وصفها البعض بـ"إعادة الاعتبار للحوكمة داخل المؤسسات الرياضية"، خصوصًا في ظل تنامي الغموض المحيط بمالية النادي الإفريقي، الذي عاش في السنوات الأخيرة على وقع ديون متراكمة وملفات نزاعات مع لاعبين ومدربين.

أزمة ثقة في أعلى مستوياتها

ما يميّز هذا التحرّك ليس فقط طابعه القانوني، بل أيضًا الرمزية الثقيلة للموقعين على البيان، وهم أسماء معروفة في الأوساط الرياضية والقانونية والإعلامية، من بينهم نضال مدّاح، طيب الهمامي، عماد العيادي، عمر البكّوش، خالد عبيد، طارق السويسي، وسامي القيزاني، ما يعطي للمبادرة وزنًا مضاعفًا.

وأكد البلاغ بوضوح أنّ "التحرّك لا يندرج ضمن مناكفات انتخابية أو تجاذبات سياسية، بل يأتي في إطار الدفاع عن مصلحة النادي وفرض احترام القانون الأساسي"، مشددين على أن لا مجال بعد اليوم لـ"التسويات تحت الطاولة".

هل تدق ساعة المحاسبة؟

قد يكون ما يحدث اليوم داخل الإفريقي، منعطفًا تاريخيًا في مسار الحوكمة الرياضية في تونس. فالحديث عن مساءلة هيئة مديرة قضائيًا، وانطلاق تحقيقات مالية خارج الأطر الداخلية المعتادة، يفتح الباب أمام تحوّل جذري في علاقة المنخرطين بالمسيرين، وعودة ثقافة المساءلة بعد سنوات من الإفلات من المحاسبة.

وفي انتظار ما ستقرره الجهات القضائية، يبقى السؤال مفتوحًا:

هل تكون شكاية 13 ماي بداية سقوط منظومة التعتيم داخل الإفريقي... أم حلقة جديدة في مسلسل الصراعات التي أنهكت النادي؟