بقلم: [عبد الحفيظ حساينية]
بين زحمة الصباحات الخانقة وصمت الليالي المتأخرة، تعيش مدينة المحمدية على وقع أزمة نقل عمومي خانقة تحوّلت إلى ما يشبه العقاب الجماعي لسكّان منطقة يفترض أن تكون بوابة العاصمة لا هامشها المنسي.
في الجلسة العامة المنعقدة الثلاثاء 13 ماي 2025، وجّه النائب فخري عبد الخالق صفعة سياسية مدوية لوزارة النقل، كاشفًا أن متساكني المحمدية قد لجأوا إلى البرلمان بعريضة للمطالبة بما أصبح أبسط الحقوق في مدن القرن الحادي والعشرين: النقل العمومي المنتظم والآمن، خاصة في ساعات الذروة.
لكن خلف المطلب الظاهري، تختبئ عشرون سنة من المماطلة، عنوانها مشروع "الخط الحديدي السريع"، الحلم الذي ظلّ حبيس الرفوف، فيما يتوسّع العمران ويزداد عدد السكان وتتضاعف الكثافة المرورية دون حلول عملية تُذكر.
⚠️ بين مركزية القرار وتهميش الضواحي
ما كشفه النائب لم يكن جديدًا، لكنه جاء ليضع الإصبع على جرح متقيّح: غياب الإرادة السياسية لتوزيع متوازن للبنية التحتية والخدمات. فالمحمدية، رغم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، لا تزال خارج خارطة أولويات الدولة، حيث تُترَك يوميًا لتواجه الاكتظاظ، غلاء تسعيرة التاكسي، وتراجع جودة الحياة.
هذا الإهمال لا ينفصل عن سياق أوسع من التفاوتات الجهوية الذي يدفع بشباب الضواحي إما إلى الهجرة نحو العاصمة أو إلى الانغلاق في قوقعة التهميش، وما يترتب عنها من توتّرات اجتماعية قد تنفجر في أي لحظة.
🚧 نقل بلا أفق... وغضب في الانتظار
ما يحصل في المحمدية اليوم ليس مجرّد مشكلة تقنية في النقل، بل اختبار حقيقي لمدى جدية الدولة في معالجة أزمات الضواحي. إذ أن غياب الربط الحديدي السريع وتردي خطوط الحافلات العمومية لا يؤدّي فقط إلى تأخير العمال والطلبة، بل يُغذّي الإحساس الجماعي بالغبن واللاعدالة.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل ستتحرّك وزارة النقل لإطلاق مشروع طال انتظاره، أم أن القطار سيواصل التأخر... إلى أجل غير مسمّى؟