اختر لغتك

 
التحول الاقتصادي في تونس هو معادلة العدالة الاجتماعية وتصورات جديدة

التحول الاقتصادي في تونس هو معادلة العدالة الاجتماعية وتصورات جديدة

تتجلى في كلمات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، التي أطلقها في لقاءه الأخير مع وزيرة الاقتصاد والتخطيط، فريال الورغي السبعي، رؤية قوية ودقيقة تهدف إلى تحقيق التحول الاقتصادي في تونس، وتجسد هذه الرؤية الحاجة الماسّة لخيارات اقتصادية وطنية خالصة، تتجاوز مفاهيم الماضي وتعيد تصوير الواقع الاقتصادي بشكل جديد.

وأكد الرئيس سعيّد بشدة أن الاقتصاد الريعي، الذي كان يتسبب في تكوين ثروة تركزت بين أيدي قلة محدودة من العائلات، لا يمكن أن يكون أساساً للنمو والتنمية، فالثروة الحقيقية لا تولد من تجميع الثروات الفردية، بل من الاستثمار الوطني المستدام وتوزيع الفرص بشكل عادل، فلقد كانت هناك جهات سابقة تصنف البلاد وتمنحها تقديرات مبالغ فيها، وذلك بالاعتماد على علاقاتها مع جهات خارجية، وإذا كانت هذه التقديرات تستند إلى أرقام واقعية وعلمية، فلما كانت الخدمات العامة تعاني من الوضع الصعب الذي نشهده اليوم.

بالإضافة إلى ذلك، أشار رئيس الجمهورية إلى ضرورة وضع خطط تنموية عادلة وشاملة، تؤكد دور الدولة الاجتماعي في تحقيق التنمية الحقيقية، فالنمو الحقيقي لا يمكن أن يحدث من دون العدالة الاجتماعية، ولا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي إلا من خلال تحمل الدولة مسؤوليتها الاجتماعية في قطاعات الصحة والتعليم والنقل وغيرها من البنى التحتية.

هذا ويتطلب التحول الاقتصادي في تونس تصورات جديدة ومبتكرة، تستند إلى فهم عميق للتحديات التي تواجهها البلاد وتفتح آفاقاً جديدة للتنمية المستدامة، كما يجب أن يكون للحكومة والمؤسسات الاقتصادية دور فاعل في تحقيق هذا التحول، من خلال وضع السياسات والإصلاحات اللازمة لدعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع الاستثمار وتعزيزي الابتكار وتنمية المهارات وخلق فرص العمل، ولابد من أن يكون هناك تركيز على تعزيز القدرات الوطنية وتشجيع ريادة الأعمال وتطوير الصناعات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتنويع مصادر الدخل.

علاوة على ذلك، يجب أن يتم تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في جميع المستويات، اذ يجب أن تكون هناك آليات رقابية فعالة تضمن استخدام الموارد الوطنية بشكل مسؤول وعادل، وتحقيق توزيع عادل للثروة والفرص.

ومن المهم أن يشعر جميع المواطنين بأن هناك فرصًا حقيقية للتقدم والرقي، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية. يجب أن يكون هناك تركيز على توفير الخدمات الأساسية للجميع، مثل التعليم والرعاية الصحية، وتحسين البنية التحتية للنقل والاتصالات، وتوفير فرص عمل كريمة ومستدامة.

في الختام، يجب أن يكون التحول الاقتصادي في تونس رحلة تشاركية بين الحكومة والمجتمع والقطاع الخاص، تستند إلى قيم العدل والشفافية والتنمية المستدامة، و يتطلب ذلك التفكير بشكل جدي وابتكار السياسات والإصلاحات التي تعزز النمو الشامل وتعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لتونس وشعبها.

في نهاية المطاف، يمكن لتونس أن تحقق نجاحا اقتصاديا مستداما وعادلا إذا تبنت التصورات الجديدة وتعمل بروح التعاون والعمل الشامل لبناء مستقبل أفضل للجميع.

ايمان مزريقي

Please publish modules in offcanvas position.