بغداد – من مراسلنا الخاص
وسط تصاعد القلق العالمي من تداعيات التغير المناخي، احتضنت العاصمة العراقية بغداد، يوم الثلاثاء 20 مايو 2025، فعاليات الدورة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي، بتنظيم مشترك بين اتحاد إذاعات الدول العربية وشبكة الإعلام العراقي. وكان عنوان اليوم الأول لافتاً: "دور الإعلام في مواجهة التغير المناخي"، ليشكل نقطة التقاء بين التحديات البيئية والتكنولوجيا المتقدمة، وبالأخص الذكاء الاصطناعي.
الإعلام والمناخ... محور المستقبل
في الجلسة الثانية التي حملت عنوان "توظيف الذكاء الاصطناعي في إعلام المناخ"، وأدارتها الأستاذة نبيهة بن صالح من اتحاد إذاعات الدول العربية، طُرحت تجارب آسيوية وعربية حية تبرز كيف يمكن للإعلام أن يتحوّل إلى لاعب رئيسي في معركة المناخ، عندما يتسلّح بالذكاء الاصطناعي.
الصين: الذكاء الاصطناعي كقوة تحرير بيئي
السيد صن هو، نائب مدير إدارة التعاون الدولي في مجموعة الصين للإعلام (CMG)، قدّم عرضاً ثرياً لتجربة بلاده، حيث استعرض كيف استخدمت الصين تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج تقارير بيئية دقيقة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بجمع البيانات، بل يحللها ويتنبأ بتغيرات مناخية قادمة، مما يمنح الصحافة البيئية أدوات غير مسبوقة لصناعة محتوى مسؤول ومؤثر.
كما كشف عن تجربة المجموعة في تغطية قمم المناخ الدولية مثل COP28 وCOP29، حيث أسهم الذكاء الاصطناعي في توصيل الرسائل البيئية إلى جمهور عالمي بلغة مبسطة ومرئية.
العراق: إعلام بيئي برؤية محلية ومقاربات ذكية
أما التجربة العراقية، فكانت ملهمة بدورها، إذ تحدّث المهندس البيئي محسن شباط الشبلي، من دائرة التوعية والإعلام البيئي بوزارة البيئة العراقية، عن واقع التحديات المناخية في العراق، حيث باتت الفيضانات والعواصف الترابية مشهداً متكرراً.
شدّد الشبلي على ضرورة رفع وعي الإعلاميين العرب بالمفاهيم البيئية، وتدريبهم على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس فقط في التحرير، بل في التنبؤ بالكوارث وتقديم تحذيرات مبكرة من خلال وسائل إعلامية موثوقة.
في مداخلة لافتة، قارن بين تجربة بنجلادش الناجحة في التنبؤ بالفيضانات باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتجربة ليبيا التي عانت من غياب هذه الأدوات، ما أفضى إلى خسائر كارثية. كما عرض مشروعاً مبدعاً يخص الأطفال: لوحة بيئية تعليمية صُممت بالذكاء الاصطناعي لتبسيط المفاهيم البيئية مثل تلوث الهواء والطاقة المتجددة، بأسلوب بصري جذاب وقليل الكلفة.
التكنولوجيا في خدمة الأرض... لا بديل
ما خلصت إليه الجلسة أن الإعلام البيئي بحاجة إلى ثورة تقنية وفكرية، أساسها الذكاء الاصطناعي الذي يوفر أدوات تحليل ورؤية لا توفرها الوسائل التقليدية. فالمناخ لا ينتظر، وعلى الإعلام أن يواكب الزمن، بمهنية مدعومة بالتقنية، لخلق وعي بيئي شامل ومستدام.
بغداد توجّه رسالة للعالم
في زمن تتعالى فيه الأصوات المنذرة بأزمة كوكب قادمة، كان صوت بغداد هذا الأسبوع مختلفاً، عابراً للحدود، حيث جمع صُنّاع الإعلام وخبراء المناخ تحت سقف واحد، ليقولوا: "العالم العربي ليس متفرجاً... بل جزء من الحل".
ولعل أبرز ما يُستخلص من الجلسة هو أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً تقنياً، بل أصبح سلاحاً رئيسياً في مواجهة أشرس معركة يشهدها القرن: معركة إنقاذ الكوكب.