في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالعالم، تتجلى الحاجة إلى إعادة النظر في النماذج التنموية التقليدية التي كرست أنماطا من الهيمنة المالية وعمقت الفجوة بين الفاعلين الاقتصاديين لتنتج في النهاية منظومة غير متكافئة تقف عاجزة أمام متطلبات التنمية العادلة، وفي هذا السياق نظم مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية ملتقى علميا تحت عنوان "الشركات الأهلية: آفاق التنمية المستدامة والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ودور المحاسب في تأطير ومرافقة بعثها" تطرقت اساسا الى مفهوم الشركات الأهلية كتصور جديد يسعى إلى تجاوز منطق السوق القائم على المركزية الرأسمالية الصارمة واستبداله بمنظومة اقتصادية بديلة تعيد هندسة العلاقة بين رأس المال والعمل وتضع الفاعلين الاقتصاديين في موقع الشراكة بدلا من التقابل، غير أن هذا الطرح رغم وجاهته النظرية يستدعي تفكيك البنى التقليدية التي حكمت الاقتصاد لعقود، كما يتطلب إطارا مؤسساتيا وتشريعيا متكاملا، يضمن تحقيق الأهداف المرجوة دون أن يتحول إلى مجرد شعار نظري لا يجد امتدادا واقعيا.