تونس – يواصل المركز الوطني لفنّ العرائس تحت إدارة الأستاذة هالة بن سعد نسج حكاياته المضيئة على خشبات العروض وداخل قاعات الورشات، ليمنح الأطفال فضاءات من الخيال والإبداع. فالمركز لا يقتصر على تقديم عروض عرائسية فحسب، بل ينهض بدور ثقافي وتربوي متكامل يستهدف تنمية ذائقة الناشئة وصقل مواهبهم الفنية.
وعلى مدار السنة، يعمل فريق المركز على إنتاج أعمال عرائسية نوعية بتقنيات متطورة، إلى جانب المشاركة في مهرجانات وطنية ودولية تُبرز خصوصية هذا الفن. كما ينظّم دورياً ورشات لصيانة العرائس وترميمها وصناعتها، يشرف عليها فنانون وعرائسيون وحرفيون، في إطار استعدادات مكثّفة للموسم الثقافي الجديد.
"مدارس وعرائس": جسر بين الفن والتربية
من أبرز مشاريع المركز تظاهرة "مدارس وعرائس" التي تستقبل سنوياً آلاف التلاميذ من المدارس العمومية والخاصة، في إطار انفتاح على الوسط التربوي. يكتشف الأطفال خلال هذه الزيارات عالم الماريونات وورشات الصنع والتحريك، إلى جانب عروض مسرحية تربط بين المتعة والتعلم، بما يسهم في نشر ثقافة مسرح العرائس لدى الناشئة وترسيخ قيم الإبداع في وجدانهم.
صيف الماريونات… ورشات وإبداعات
خلال صيف 2025، نظّم المركز الدورة الرابعة من تظاهرة "صيف الماريونات" التي احتضنتها مدينة الثقافة، حيث أتيحت للأطفال فرصة خوض تجارب في ورشات متنوّعة: من تحريك العرائس، الألعاب الدرامية، خيال الظلّ، عرائس الخيط، عرائس الرسكلة، وصولاً إلى العرائس ذات الفم المتحرك والقفاز. وقد أشرفت على هذه الورشات ثلة من عرائسيات المركز على غرار خلود الثابت، نهاد التواتي، رحاب الفرشيشي، خلود الناعس ونجيبة النوري.
تكريم الرواد وإنتاجات جديدة
لم يقتصر نشاط المركز على الورشات والعروض، بل ساهم أيضاً في المهرجان الجهوي للمسرح بنابل حيث تم تكريم الفنان الراحل محي الدين بن عبد الله، أحد أبرز العرائسيين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ المركز منذ بداياته.
كما واصل المركز إنتاجاته الفنية الموجهة للأطفال من خلال عرض مسرحية "الضوّ" للفنانة أميرة اللواتي، المستوحاة من شخصية "الضوء" في فيلم "الجميلة والوحش"، إضافة إلى عمل مسرحي عرائسي آخر بعنوان "الكبوط – The Overcoat" أخرجه أمير العيوني، وقدم لأول مرة ضمن فعاليات اليوبيل الذهبي لمهرجان البحر الأبيض المتوسط بالكرم.
إشعاع فني يرسّخ ثقافة العرائس
بهذه الجهود، يؤكد المركز الوطني لفنّ العرائس مكانته كركيزة أساسية في المشهد الثقافي التونسي، جامعاً بين التربية والفن والإبداع، ومثبتاً أن العرائس ليست مجرد ألعاب جامدة، بل وسيلة حيّة تُدخل البهجة وتُثير الخيال وتبني جيلاً يؤمن بجمالية الفن وقيمة الإبداع.
✍️ منصف كريمي
