خلال أسابيع صيفية حارقة، غاص فريق من الغواصين في أعماق بحيرة جنوب مانيلا، بحثًا عن جثث مفقودين يُعتقد أنهم وقعوا ضحايا لعبة لا ترحم: المراهنات الإلكترونية على مصارعة الديوك، والتي باتت تُعرف محليًا بـ"إي سابونغ".
هذه الظاهرة، التي تحولت إلى "صناعة وطنية" في الفلبين، انفجرت بشكل جنوني خلال جائحة "كوفيد"، لتبتلع آلاف الضحايا بين مدمنين ومحتالين، وصولًا إلى عصابات الجريمة المنظمة التي تدير المراهنات بملايين الدولارات أسبوعيًا.
🔴 دماء على الريش
وفق شهادات مروعة، تم تصفية رجال بتهمة التلاعب في نتائج المباريات. ومنذ تلك الجرائم، اضطر الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي عام 2022 إلى حظر الرهانات الإلكترونية، لكن السوق السوداء عادت لتزدهر سريعًا، متحدّية القوانين، ومغذية شغف جماهير اعتادت على الرهان، مهما كان الثمن.
🪙 رهانات بجنون.. وخسائر بملايين
مارسيلو بارانغ، ستيني من بولاكان، يجلس مطمئنًا وسط صخب ساحات المصارعة الحية، مطمئنًا أن الرهان الحضوري لا يزال قانونيًا. لكن بالنسبة لراي جيبرالتار، المدير التنفيذي السابق، كانت القصة مختلفة:
"كنت أخسر حتى 15 ألف دولار في اليوم... لم أكن آكل ولا أنام. بالمال الذي ضاع كان يمكنني شراء منزل وسيارة".
انهار جيبرالتار تحت ضغط الإدمان، ورمى آخر 300 بيزو في محفظته الإلكترونية قبل أن يدخل مركزًا للعلاج من القمار.
⚖️ القانون يلهث وراء الشبكات السوداء
رغم إغلاق أكثر من 6800 موقع غير قانوني، تعترف الشرطة بأن شباك "VPN" تجعل من المستحيل تقريبًا تعقب اللاعبين. أما العقوبات المالية (1000 بيزو فقط، أي 17 دولارًا)، فتكاد تكون نكتة أمام الأرباح الطائلة.
حتى البنك المركزي اضطر إلى التدخل، فأمر شركات المحافظ الإلكترونية بقطع التعامل مع المواقع المشبوهة خلال 48 ساعة، في محاولة للحد من نزيف مالي وأخلاقي يهدد آلاف الأسر الفلبينية.
⚠️ إدمان، جريمة، وموت معلّق
بين بحيرات تخبئ أسرارًا دموية، وشاشات تغذي أوهام الربح السريع، تقف الفلبين أمام معضلة تتجاوز مجرد "هواية وطنية". إنها معركة شرسة بين القانون والإدمان والجريمة المنظمة، حيث يتحول شغف مصارعة الديوك إلى جحيم يبتلع المال والأرواح.