اختر لغتك

تضارب المصالح في كرة القدم التونسية: حين تتحوّل الحماسة إلى نفوذ… والرياضة إلى ساحة مصالح

تضارب المصالح في كرة القدم التونسية: حين تتحوّل الحماسة إلى نفوذ… والرياضة إلى ساحة مصالح

تضارب المصالح في كرة القدم التونسية: حين تتحوّل الحماسة إلى نفوذ… والرياضة إلى ساحة مصالح

منذ سنوات، يشهد المشهد الكروي في تونس انحرافات مقلقة باتت تهدد جوهر اللعبة الأولى في البلاد. تضارب مصالح، تداخل أدوار، وانحيازات لم تعد تخفى على أحد. سؤال بسيط يفرض نفسه: أين تنتهي الحماسة وتبدأ المصلحة؟

ففي الوقت الذي تبحث فيه الأندية التونسية عن موارد لإنقاذ ميزانياتها الهشة، ظهر صنف جديد من المسؤولين يمسكون من جهة برئاسة نادٍ، ومن جهة أخرى تضخ شركاتهم الخاصة تمويلاً لأندية منافسة في نفس البطولة.

هذا الاختلاط ينسف قواعد التنافس ويُدخل البطولة في منطق “اللاعب والحَكم” معاً.

المسألة لم تعد أخلاقية فقط بل هيكليّة أيضاً. رئيسٌ-راعٍ يتحكم في قرارات الانتداب، في التصويت داخل الهياكل، في رأس المال الرياضي وحتى في الخطاب الإعلامي. وفي مثل هذه الظروف يصبح الحديث عن عدالة رياضية أقرب إلى الخيال.

لوائح الفيفا واضحة لا تحتمل التأويل:

– المادتان 19 و20 من مدوّنة الأخلاقيات تمنعان أي تضارب مصالح أو منفعة اقتصادية غير مشروعة.

– المادة 10 من لوائح كأس العالم للأندية تمنع الملكية المتعددة المباشرة أو غير المباشرة.

وقد سبق للاتحاد الدولي أن عاقب أندية في حالات مشابهة، مؤكداً أنّ الولاء للرياضة يجب أن يسمو فوق كل المصالح.

تونس اليوم على المحك. استمرار هذا التساهل يهدد مصداقية اللعبة داخلياً وخارجياً، ويعرّض الفرق التونسية لعقوبات تصل إلى الاستبعاد من المنافسات الإفريقية والعالمية، فضلاً عن وضع بعض الأندية تحت تبعية اقتصادية لجهة واحدة متنفّذة، والتسبب في انعدام ثقة داخل المنظومة برمتها.

في هذا المشهد الرمادي، يبرز النادي الإفريقي بموقف صريح يدافع فيه عن قيمه التاريخية: شفافية، نزاهة، واحترام للمؤسسات. النادي يرفض الانخراط في ممارسات تضرب توازن البطولة وتشوّه صورة الكرة التونسية، متمسكاً بفكرة بسيطة: الرياضة يجب أن تبقى مصدر فخر لا أداة نفوذ.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تبدو الجامعة التونسية لكرة القدم مطالَبة بتدخل حازم يُعيد الانضباط للساحة:

– منع كامل للتمويل المتقاطع.

– إنشاء لجنة أخلاقيات مستقلة.

– نشر سجلّ عمومي للرعاة والمسؤولين.

– تدقيقات مالية دورية وشفافة.

– مراقبة دقيقة للعلاقات الاقتصادية بين الأندية.

هذه الإجراءات ليست عائقاً أمام الاستثمار، بل الضمان الوحيد لبيئة نظيفة ومستدامة.

فالدوريات الأوروبية الكبرى أدركت مبكراً أن الرياضة بلا أخلاق هي رياضة بلا مستقبل. في إنجلترا وفرنسا وإيطاليا تُجرّم الملكية المتعددة بصرامة، وتُعالج أي شبهة تضارب مصالح بغرامات ثقيلة، أو استبعادات، أو حتى إنزال الأندية للدرجات السفلى… ورغم ذلك، لم تتوقف الاستثمارات يوماً، بل ازدادت قوة اللعبة ومصداقيتها.

تونس اليوم أمام مفترق طرق:

إما الاستمرار في منطقة “التساهل” وما تخفيه من ترتيبات،

وإما اختيار الشجاعة وبناء منظومة واضحة القواعد.

النادي الإفريقي، بموقفه الواضح، يجسّد رؤية مسؤولة للرياضة: نجاح يُقاس بالنزاهة بقدر ما يُقاس بالنتائج.

فالتمسك بالأخلاق ليس رفاهية… بل حماية لحلم آلاف الشباب، ولسُمعة بلد بأكمله.

لقد حان الوقت لإعادة كرة القدم التونسية إلى عظمتها… وإلى نقائها الأول.

آخر الأخبار

تضارب المصالح في كرة القدم التونسية: حين تتحوّل الحماسة إلى نفوذ… والرياضة إلى ساحة مصالح

تضارب المصالح في كرة القدم التونسية: حين تتحوّل الحماسة إلى نفوذ… والرياضة إلى ساحة مصالح

تكريم رفيع لبعثة المنتخب الأردني يُجسّد عمق الروابط الرياضية بين تونس والأردن

تكريم رفيع لبعثة المنتخب الأردني يُجسّد عمق الروابط الرياضية بين تونس والأردن

عامان سجناً للغنوشي… والقضية تفتح أبواب “الزلزال السياسي”

عامان سجناً للغنوشي… والقضية تفتح أبواب “الزلزال السياسي”

موسم سياحي تونسي 2026… رهان على الترويج الرقمي وتصنيف عالمي يرفع سقف الطموحات

موسم سياحي تونسي 2026… رهان على الترويج الرقمي وتصنيف عالمي يرفع سقف الطموحات

أحكام ثقيلة في ملف فساد شركة فسفاط قفصة… إدانة مسؤولين ووزير سابق وسجناء لسنوات

أحكام ثقيلة في ملف فساد شركة فسفاط قفصة… إدانة مسؤولين ووزير سابق وسجناء لسنوات

Please publish modules in offcanvas position.