اختر لغتك

الــرقــص عـلى الحبــال

الــرقــص عـلى الحبــال

الــرقــص عـلى الحبــال

تعيش حركة مشروع تونس هذه الأيام على وقع تردّد وارتباك خطير قد يقضي على مستقبلها، وهو ناتج بالأساس عن التضارب الكبير بين مبادئها وخياراتها المعلنة عند انشقاق أمينها العام ومن تبعه عن النداء، ونشأتها في مارس 2016 ، وبين تكتلاتها الجديدة وخياراتها السياسية الحالية والصراع الذي أقحمت نفسها فيه بحثا عن التموقع والتكتل مهما كان نوعه ومأتاه وتداعياته على سمعة الحزب ومصيره، رغم ما قد يكون له من دوافع خفية.
 
ويبدو أن «المشروع» المولود من رحم النداء قد تأثر كثيرا مثل غيره من الأحزاب الممثلة في البرلمان والفاعلة في المشهد السياسي، باندماج حزبي النداء والاتحاد الوطني الحر الذي أربك عديد الحسابات خصوصا بالنسبة لحزب النهضة ولكتلة الائتلاف الوطني باعتبار تأثيره على ترتيب الكتل وعلى المشهد السياسي عموما، فضلا عن إضعافه لكتلة الشاهد التي ينتظر منها دور كبير في تحديد مصير الحكومة.
 
لكن هذا الاندماج الذي أخاف هؤلاء المتكتلين من أجل استمرار الحكومة وفرض خياراتهم السياسية العامة ومناصرة بعضهم لرئيسها للاستحقاق الانتخابي القادم، قد قوبل بإعلان التوافق الجديد المتسرّع والغريب من نوعه بين النهضة وحركة مشروع تونس والذي لا يمكن أن يصنف إلا ضمن توافق الأضداد باعتباره من أكثر التوافقات المبنية في المشهد السياسي التونسي غرابة، ولو أن جميعها تم وفقا لمصالح الأحزاب وسعيها لكسب مواقع متقدمة في هذا الفضاء المتغير والمليء بالتجاذب والتنافس الخفي استعدادا لـ 2019.
 
فأمين عام حركة مشروع تونس قد أقحم حزبه في متاهات هو في غنى عنها بتقربه من النهضة التي ما من حزب اقترب منها إلا وابتلعته أو قسّمته إلى شظايا ولنا في مصير الأحزاب التي كونت معها الترويكا خير مثال على ذلك، إلى جانب حزب نداء تونس الذي خسر جل قاعدته الانتخابية وقسّم إلى عدة أقسام.
 
ويبدو أن الأمين العام أراد النشاط والتواصل في الخفاء في سبيل تحقيق مكاسب سياسية وضمان حصته في الحكم حتى مع خصوم سياسيين رفض في السابق التوافق معهم ومثّل ذلك منطلقا لمغادرته النداء ، غير أنه اصطدم بسرعة توظيف النهضة لهذا التقارب وكشفها عنه على لسان رئيس مجلس الشورى، باعتباره توافقا مبرما ونهاية للصراع الإيديولوجي بين الطرفين ، ولا يمكن لوم النهضة - التي تعيش على وقع اتهامات خطيرة قد تعصف بصورة الحزب خارجيا - على «اقتناص» هذه الفرصة التي تبرزها مع حزب لطالما انتقد عدم فصلها بين الديني والسياسي.
 
ولئن أسرعت حركة مشروع تونس إلى تكذيب ما جاء على لسان رئيس مجلس شورى حركة النهضة وأصدرت بيانها الذي نفت فيه مسألة التوافق وحاولت تسويق فكرة أن ما حصل لا يعدو أن يكون « محادثات مع جميع الأطراف في إطار جمع الفرقاء السياسيين خارج الصراعات الإيديولوجية المدمرة» فإن عدم توقيع هذا البيان من قبل الأمين العام للحزب فضلا عن انطلاق موجة الاستقالات تنذر بمصير خطير لهذه الحركة.
 
ورغم وجود إشارة إلى السعي لتأسيس قطب سياسي بهدف «تحقيق التوازن في المشهد السياسي» من خلال تقارب النهضة والمشروع في ردّ على اندماج النداء بالوطني الحر، إلا أن واقع الحال يثبت أن هذه الولادة أتت مشوهة انطلاقا من التصريحات والبيانات المضادة وبداية الانشقاقات المعلنة داخل حركة المشروع.
 
هذا وقد بدت الحركة متقلبة في مواقفها وشديدة التردد والتناقض فهي من ناحية تتقرب من النهضة في الخفاء ومن ناحية أخرى تقف كتلتها داخل البرلمان في صف كتلة نداء تونس وتعلنان معا موقفا موحدا للضغط على الحكومة بتعليق أعمالهما في البرلمان إلى أن تقوم الحكومة بتفعيل قرار البرلمان بخصوص إنهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة.
 
فهل يعدّ هذا الموقف الموحد عودة معلنة من حركة المشروع إلى مسارها الطبيعي أم أن ذلك مجرد رقص على الحبلين؟؟؟
 
 
Tags:

آخر الأخبار

بين التكريم والاستغلال: قراءة نقدية في تدوينة الفنان عدنان الشواشي وأزمة المهرجانات الصيفية

بين التكريم والاستغلال: قراءة في تدوينة الفنان عدنان الشواشي وأزمة المهرجانات الصيفية

يوسف البلايلي بين التهديد والهيبة: إدارة الترجي تتمسك بالعقوبات أم اللاعب فوق القانون؟

يوسف البلايلي بين التهديد والهيبة: إدارة الترجي تتمسك بالعقوبات أم اللاعب فوق القانون؟

حريق يهدد المنطقة الصناعية بالسبيخة: تدخل بطولي للحماية المدنية يُجنّب الكارثة

حريق يهدد المنطقة الصناعية بالسبيخة: تدخل بطولي للحماية المدنية يُجنّب الكارثة

🎭📚 من الأرقام إلى الأحلام: د. إيمان العرقي تُعيد تعريف تربية الطفل في عصر الشاشات!

🎭📚 من الأرقام إلى الأحلام: د. إيمان العرقي تُعيد تعريف تربية الطفل في عصر الشاشات!

🔴 بالأسماء والتسجيلات: النادي الإفريقي يتحرّك قضائيًا ضد صفحات مشبوهة.. وتحقيقات تكشف مفاجآت صادمة!

🔴 بالأسماء والتسجيلات: النادي الإفريقي يتحرّك قضائيًا ضد صفحات مشبوهة.. وتحقيقات تكشف مفاجآت صادمة!

Please publish modules in offcanvas position.