اختر لغتك

حين نأكل مشاعرنا… لماذا يبدأ الإفراط في الطعام من العقل لا من المعدة؟

حين نأكل مشاعرنا… لماذا يبدأ الإفراط في الطعام من العقل لا من المعدة؟

تؤكد الأخصائية النفسية مارينا سكلياروفا أن معركة الإنسان مع الإفراط في تناول الطعام لا تُحسم داخل المطبخ أو عبر الحميات القاسية، بل تبدأ أولًا في العقل، حيث تختبئ الدوافع النفسية العميقة التي تحرّك الشهية دون وعي.

وتُحدّد سكلياروفا خمسة أسباب نفسية رئيسية تقف وراء الإفراط في الأكل، معتبرة أن الطعام، خاصة عند استهلاكه بكميات كبيرة، يتحول إلى “مهدّئ نفسي” يخدّر المشاعر ويُسكّن القلق. وتوضح في هذا السياق أن الطفل، حين يعجز عن التعبير عن الخوف أو الوحدة بالكلمات، يلجأ إلى الرضاعة أو اللهاية كوسيلة للطمأنة، وهو سلوك قد يستمر بشكل غير واعٍ في مرحلة البلوغ إن لم يتعلّم الإنسان فهم مشاعره وتسميتها.

وتشير الأخصائية إلى أن كثيرين يأكلون ليس لأنهم جائعون، بل لأنهم يخفون في داخلهم مشاعر غير معترف بها، مؤكدة أن “ما لم نسمِّه من مشاعر، سيستمر الطعام في طمسه”. فالأكل المفرط يصبح، في هذه الحالة، وسيلة للهروب لا للإشباع.

كما تلفت إلى أن الطعام قد يتحول إلى أداة لتعويض ما لم يحصل عليه الفرد من الحياة، سواء كان ذلك حبًا أو تقديرًا أو إحساسًا بالإنجاز. وفي أحيان أخرى، يكون الإفراط في الأكل نتيجة غياب التوازن والاعتدال في نمط العيش. لكنها تشدد على أنه “عندما يشعر الإنسان بأنه نال ما يحتاجه فعلًا، تختفي الحاجة إلى التعويض، سواء عبر الطعام أو عبر سلوكيات أخرى”.

وتربط سكلياروفا بين الإفراط في الأكل ونمط الحياة السريع الذي يطغى على كثير من الأشخاص “الناجحين” ظاهريًا، والذين يركضون خلف النتائج دون الاستمتاع بالمسار. فهؤلاء، كما تقول، يأكلون بسرعة، دون تذوق أو وعي، تمامًا كما يعيشون حياتهم بوتيرة متسارعة وسط شعور داخلي بالفراغ.

وتحذّر الأخصائية من وهم “ملء الفراغ الداخلي بالطعام”، معتبرة أن رتابة الأيام وقلّة المتع الحقيقية تدفع الإنسان إلى البحث عن السعادة في الأطباق، كتعويض عن حياة باهتة تفتقر للمعنى والدفء العاطفي.

وتخلص سكلياروفا إلى أن الحل لا يكمن في الحرمان أو العقاب الذاتي، بل في فهم العالم الداخلي والتصالح معه. فحين يبدأ هذا العالم في التغيّر بلطف وصدق، ومن دون عنف أو قسوة، تنعكس التحولات إيجابيًا على الجسد والصحة، ويتراجع الإفراط في تناول الطعام تلقائيًا.

رسالة الأخصائية واضحة: لسنا بحاجة إلى مزيد من القيود الغذائية، بل إلى وعي أعمق بمشاعرنا… لأن الجوع الحقيقي ليس دائمًا في المعدة، بل في الداخل.

آخر الأخبار

رحيل عبد الرؤوف شبشوب… النادي الإفريقي يودّع أحد رجاله وذاكرة كرة اليد التونسية

رحيل عبد الرؤوف شبشوب… النادي الإفريقي يودّع أحد رجاله وذاكرة كرة اليد التونسية

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

نهاية صامتة خلف الأبواب المغلقة… حريق يخطف فنانة غابت طويلًا عن الأضواء

نهاية صامتة خلف الأبواب المغلقة… حريق يخطف فنانة غابت طويلًا عن الأضواء

تشيرنوبيل على حافة الخطر… غلاف متصدّع وإنذار نووي مفتوح

تشيرنوبيل على حافة الخطر… غلاف متصدّع وإنذار نووي مفتوح

في ليلة بلا هوامش للخطأ… برشلونة يعبر فخ غوادالاخارا ويتنفس الصعداء في كأس الملك

في ليلة بلا هوامش للخطأ… برشلونة يعبر فخ غوادالاخارا ويتنفس الصعداء في كأس الملك

Please publish modules in offcanvas position.