في حادثة غير مسبوقة، ضربت أُسس النزاهة وروح المنافسة في العمق، اهتزّ الشارع الرياضي التونسي على وقع فضيحة مدوّية عنوانها تحويل الفريق الضيف إلى مستضيف، وانتهاك صارخ للقانون الرياضي. المباراة التي جمعت بين الأولمبي الباجي والترجي الرياضي التونسي، والتي كان من المزمع إجراؤها بملعب مجاز الباب، تم نقلها فجأة إلى ملعب بمدينة الكاف، في خطوة مثيرة للريبة ومفتقدة لأي تبرير رياضي أو لوجستي مقنع.

قلب للمعادلات: الضيف يصبح صاحب الأرض

القانون المنظّم للمنافسات الرياضية في تونس يمنع دخول جماهير الفريق الضيف في بعض اللقاءات الحساسة لتفادي أحداث العنف. إلا أن ما حصل كان العكس تمامًا. فرغم أن الأولمبي الباجي هو الفريق المستضيف، فإن جماهيره مُنعت من دخول المباراة بعد قطعها لمسافة تزيد عن 100 كلم من مدينة باجة إلى الكاف. في المقابل، حضرت جماهير الترجي الرياضي بأعداد غفيرة وكأنها صاحبة الأرض، وتم السماح لها بالدخول بكثافة إلى المدارج، في انقلاب صارخ على الأدوار وانتهاك فجّ لقوانين الجامعة التونسية لكرة القدم.

اعتداءات وإهانات: بنك بدلاء الأولمبي تحت النار

ولم تتوقف المهزلة عند الإخلال بالقوانين. فقد تعرّض بنك لاعبي الأولمبي الباجي إلى الاعتداء بالعنف من قبل جماهير الترجي، تخلّله رشق بالمقذوفات وشتائم مهينة، من بينها عبارات عنصرية ضد أهالي الشمال الغربي، في خرق لكل المبادئ الرياضية والإنسانية. المشهد العام تحوّل إلى فوضى، وسط صمت مخيف من الجهات الأمنية والمنظمة، ما زاد من شعور الغبن لدى جماهير الباجي.

دعوات لفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين

تتزايد الأصوات المطالبة بـفتح تحقيق رسمي وعاجل من قبل الجامعة التونسية لكرة القدم والسلطات المختصة، للوقوف على ملابسات هذه الفضيحة ومحاسبة كل من ثبت تورطه في تغيير مكان المباراة دون مبرر قانوني، والسماح لجماهير الفريق الضيف بالدخول خلافًا للوائح.

العديد من المتابعين يرون أن السكوت عن هذه المهزلة سيشكّل سابقة خطيرة، تشرّع مستقبلاً لتكرار مثل هذه التجاوزات، وهو ما من شأنه أن يُفقد البطولة التونسية ما تبقّى لها من مصداقية ونزاهة.

كرة القدم التونسية أمام مفترق طرق

ما حصل في مباراة الأولمبي الباجي والترجي لا يُمكن اختزاله في مجرد “حادثة تنظيمية”. هو تواطؤ ممنهج، واستهتار صريح بثقة الجمهور، ووصمة عار على جبين من اختاروا كسر القانون والإضرار بصورة كرة القدم التونسية. إن لم يتم التعامل مع هذا الملف بكل حزم وشفافية، فإن البطولة تسير بخطى ثابتة نحو فقدان الشرعية والمصداقية.