بانوراما

في بادرة عربية فريدة، أُعلن مؤخرًا عن تأسيس "الائتلاف من أجل الكتاب الميسر ومناصرة ونشر اتفاقية مراكش"، وذلك بمبادرة من جمعية "إبصار" التونسية، وبمشاركة منظمات عربية فاعلة من سلطنة عمان والمغرب وليبيا والعراق. جاء هذا الإعلان على هامش الملتقى الدولي الأول للكتاب الميسر الذي احتضنته مدينة الحمامات التونسية يوم 17 ماي الجاري.

اتفاقية مراكش... حلم لم يتحقق بعد

رغم أن اتفاقية مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية تم اعتمادها منذ عام 2013، فإن عدد الدول العربية التي صادقت عليها لا يتجاوز سبع دول فقط: تونس، المغرب، موريتانيا، الإمارات، السعودية، الأردن.

ويهدف الائتلاف الجديد إلى الدفع نحو مصادقة بقية الدول العربية على الاتفاقية، ولكن الأهم من ذلك، الضغط من أجل تفعيلها على أرض الواقع عبر:

- ملاءمة التشريعات الوطنية مع بنود الاتفاقية.

- إصدار الأوامر الترتيبية اللازمة.

- تخصيص التمويلات لدعم النفاذ إلى المعرفة.

تونس... مبادرة تشريعية تنتظر التفعيل

وقد شكّل الملتقى مناسبة لإطلاق مبادرة تشريعية وطنية لتعديل القانون عدد 36 لسنة 1994 المتعلق بالملكية الأدبية والفنية، وذلك بهدف ملاءمته مع مقتضيات اتفاقية مراكش. وقد أعلن النائب باديس بلحاج علي، رئيس لجنة السياحة والثقافة والخدمات، عن مشروع تعديل يشمل 8 فصول قانونية تضمن النفاذ القانوني لذوي الإعاقة إلى المصنفات المنشورة دون خرق لحقوق المؤلف.

نفاذ معرفي لا يتجاوز 1% في البلدان النامية

تُظهر معطيات المنظمة العالمية للملكية الفكرية فجوة معرفية هائلة يعاني منها الأشخاص المكفوفون أو ضعاف البصر، حيث لا تتجاوز نسبة النفاذ إلى الكتب والمصنفات المنشورة:

- 10٪ عالميًا.

- أقل من 1٪ في الدول النامية، بما في ذلك الدول العربية.

وهو ما يُعد تمييزًا مضمرًا في حق فئة واسعة من المواطنين، ويستدعي إصلاحًا قانونيًا عاجلاً يضع الحق في المعرفة على قدم المساواة.

الائتلاف: صوت جماعي من أجل التغيير

يُراهن هذا الائتلاف، الذي يضم جمعيات من المغرب، تونس، ليبيا، سلطنة عمان، والعراق، على خلق ضغط إقليمي مشترك لانتزاع الاعتراف التشريعي بحق النفاذ المعرفي. كما يعمل على:

- تبادل التجارب والخبرات.

- خلق شراكات مع دور النشر.

- تشجيع إنتاج المصنفات بطريقة ميسّرة (برايل، صوتي، رقمي).

نحو مستقبل أكثر شمولًا

يرى القائمون على المبادرة أن المعركة اليوم لم تعد قانونية فحسب، بل هي معركة قيم وعدالة معرفية، الهدف منها هو بناء مجتمعات شاملة لا تترك أحدًا خلف الركب.

ومع هذا الزخم الجديد، يُؤمَل أن يتحول الائتلاف إلى منصة فعالة لتغيير السياسات العمومية، من أجل أن لا يبقى "الكتاب" حكرًا على المبصرين، بل حقًا لكل إنسان، مهما كانت إعاقته.