في لحظة سينمائية لافتة، وتحت أضواء أيام قرطاج السينمائية، يحظى فيلم «الروندة 13» (الجولة 13) للمخرج التونسي محمد علي النهدي بعرض خاص ضمن البرمجة الرسمية للدورة الجديدة، وذلك بعد مسار دولي ناجح وضع العمل في واجهة الاهتمام النقدي والجماهيري خارج تونس.
الفيلم، وهو من إنتاج ماليك كشباطي، يضم في بطولته عفاف بن محمود، حلمي الدريدي، مع مشاركة خاصة للفنان القدير الأمين النهدي، ويعود إلى الجمهور التونسي محمّلاً بتتويجات دولية، أبرزها فوز عفاف بن محمود بجائزة أفضل ممثلة في اختتام الدورة 46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث نافس الفيلم ضمن قسم «آفاق عربية».
ويقدّم «الروندة 13» سردًا دراميًا مكثفًا يتمحور حول شخصية كمال، بطل ملاكمة أفريقي سابق، يجد نفسه في مواجهة قاسية مع القدر بعد إصابة ابنه بمرض خطير يهدد حياته. من حلبة الملاكمة إلى حلبة الحياة، يخوض كمال وزوجته سامية رحلة إنسانية موجعة، تختبر حدود القوة والضعف، والصبر والانكسار، في توازن هش بين الأمل والاستسلام.
الفيلم يلامس بعمق ثيمات الحب، الإيمان، الفداء، والصمود، عبر لغة سينمائية حساسة تتجاوز الحدث إلى الداخل الإنساني، حيث تصبح «الروندة» مواجهة مع الذات قبل أن تكون مع الخصم. وهو ما منح العمل صدى نقديًا واسعًا، تُوّج أيضًا بحصوله على جائزة كريستال سيمرغ لأفضل فيلم ضمن مسابقة الإطار المستقبلي في الدورة 43 لمهرجان فجر السينمائي الدولي.
وبهذا العمل، يواصل محمد علي النهدي مسارًا إبداعيًا متصاعدًا، بعد أفلام نالت بدورها حضورًا وجوائز دولية مثل «المشروع»، «كان ياما كان في الفجر» و**«فاطوم»**. ويُعد «الروندة 13» ثاني أفلامه الروائية الطويلة، بعد «معز» (2022)، مؤكّدًا تثبيت اسمه ضمن أبرز الأصوات السينمائية التونسية في السنوات الأخيرة.
غير أنّ هذا الاحتفاء لا يخلو من مفارقة لافتة، إذ يُعرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية، رغم إشعاعه الدولي وتكريمه في مهرجانات كبرى. مفارقة تفتح باب التساؤل مجددًا حول معايير اختيار الأعمال التونسية التي تمثل البلاد داخل أكبر تظاهراتها السينمائية، وحول مدى انسجام تلك المعايير مع القيمة الفنية والاعتراف العالمي.
بين نجاح خارجي وغياب عن المنافسة الرسمية داخليًا، يقدّم «الروندة 13» نفسه ليس فقط كفيلم مؤثر، بل كـحالة سينمائية تدعو إلى النقاش، وتؤكد أن السينما التونسية قادرة على الوصول… متى أُتيحت لها المساحة العادلة.



