عندما تُذكر ولاية "يوتا" الأمريكية، غالبًا ما تقفز إلى الذهن صور الطبيعة الأخّاذة، الجبال المغطاة بالثلوج، ومنتجعات التزلج التي تخطف الأنفاس. لكن خلف هذه المشاهد الحالمة، تخفي الولاية كنزًا من نوع آخر، كنزًا لا يلمع كذهب، بل يتوهّج في الأسلاك، والمصانع، والسيارات الكهربائية... إنه النحاس.
🏔 عملاق تحت الأرض... لا يتوقّف عن العطاء
في قلب يوتا، وعلى مقربة من سولت ليك سيتي، يتمدد منجم كينيكوت – أو "بينغهام كانيون" – كأحد أضخم المشاريع التعدينية في العالم. حفرة هائلة حفرتها أيادي الإنسان بعمق يصل إلى مئات الأمتار، ومساحة تقترب من 95,000 فدان.
المنجم، الذي تديره شركة ريو تينتو عبر فرعها المحلي "كينيكوت يوتا كوبر"، أنتج حتى اليوم ما يتجاوز 17 مليون طن من النحاس، ليصبح حجر الأساس في الصناعات التكنولوجية، الطاقات المتجددة، وحتى معدات الطب الحديث.
🕔 العمل لا يتوقف... والتاريخ لا يُنسى
على مدار الساعة، وسبعة أيام في الأسبوع، يدور دولاب الإنتاج في كينيكوت بلا توقف، بدعم من حوالي 800 موظف، ومئات المقاولين، يُحركهم تاريخ طويل من الانتماء.
"في كل وردية، يمكن أن تلتقي بموظف يُريك صورة لجده الذي عمل في المنجم منذ عقود"، كما قال أحدهم. إنها ليست مجرد وظيفة، بل إرث عائلي تتوارثه الأجيال.
🌍 التزام بيئي... ومجتمع من رماد المنجم
رغم ضخامة المشروع، لم تغفل الشركة عن البيئة. فعلى أنقاض الأراضي المتأثرة سابقًا بالتعدين، قامت بتأسيس مشروع "فجر" السكني – مجتمع مستدام يضم منازل موفرة للطاقة، مبانٍ معتمدة بشهادة LEED، ومسارات خضراء.
إلى جانب ذلك، تم إنشاء محمية كينيكوت للطيور على مساحة 3,000 فدان، والتوقيع على اتفاقية مع "روكي ماونتن باور" لإغلاق ثلاث محطات فحم، دعمًا للطاقة المتجددة.
🔌 النحاس... المعدن الذي يرسم ملامح المستقبل
في عالم يتجه سريعًا نحو السيارات الكهربائية، المدن الذكية، والطاقة النظيفة، يُعد النحاس أحد أكثر المعادن طلبًا واستراتيجية. ومنجم كينيكوت، بهذا الحجم والإنتاج، لا يُعتبر مجرد مشروع صناعي، بل مفصلًا حيويًا في مستقبل العالم.
🔚 أكثر من منجم... إنه نموذج
كينيكوت ليس مجرد حفرة عملاقة تستخرج النحاس، بل نموذج عالمي لما يجب أن تكون عليه إدارة الموارد: إنتاجية، استدامة، انتماء مجتمعي، وتوازن بيئي. إنه قصة أمريكية تتقاطع فيها التكنولوجيا، الجغرافيا، والتاريخ... والوجهة التالية: المستقبل.