من قلب الريف الجندوبي، حيث تتنفس الأرض عبق التاريخ وتفيض الذاكرة بالتراث، عاشت بوعوان على وقع الدورة 21 لمهرجان "ليالي صيف بوعوان"، الذي نجح مرة أخرى في تحويل الفضاء الخارجي لدار الثقافة إلى منصة نابضة بالحياة، تجمع بين الألوان الموسيقية والفلكلورية، وبين الأصالة والمعاصرة.
التظاهرة، التي جاءت بتنسيق من جمعية إيناس للإبداع الثقافي برئاسة الأستاذة آماني خميسي، وبدعم حيوي من شباب المنطقة وخاصة النساء، نظّمت تحت إشراف والي الجهة الأستاذ الطيب الدريدي، في إطار سياسة اللامحورية الثقافية، لضمان وصول الفعل الفني إلى كل زاوية من الولاية.
برنامج ثري يروي حكاية التنوع
البداية كانت في 9 أوت بعرض صوفي ضخم "رجال الحضرة" أضفى روحانية خاصة على أجواء المهرجان، لتتواصل السهرات يوم 10 أوت مع عرض موسيقي مدعوم من إدارة الموسيقى والرقص بعنوان "تعجبني وما نحبكش"، أبدع خلاله الفنان سلام صلاح الدين في تقديم باقة فلكلورية حضارية وبدوية.
أما ليلة 11 أوت فكانت على إيقاع الفن الشعبي مع الفنان صالح سعيداني المعروف بـ"Kapi"، تلتها سهرة 12 أوت المخصصة للعائلات والأطفال مع مجموعة Pro Animation 08، التي قدمت مزيجًا من الدبكة السورية والألعاب والعروض التنشيطية.
واختتم المهرجان يوم 13 أوت، تزامنًا مع الاحتفال بعيد المرأة، بعرض موسيقي بعنوان "غنّوا معايا" بقيادة المايسترو حمادي البوكاري ومجموعته، في ليلة امتزجت فيها الألحان بالرسائل الراقية.
أكثر من مهرجان... هوية وحياة
ما يميز "ليالي صيف بوعوان" ليس فقط برمجته الفنية، بل طابعه الريفي الأصيل الذي يجمع الفن بالتراث، ويعزز الهوية التونسية ويجسد التنوع الثقافي للمنطقة. المهرجان أيضًا رافعة للتنمية المحلية، من خلال تنشيط الدورة الاقتصادية واستقطاب الزوار، فضلًا عن كونه مساحة للتلاقي بين مختلف الشرائح الاجتماعية.
ورغم محدودية الموارد، أثبتت هذه الدورة، التي تدخل بعزم إلى عتبة العشرية الثالثة، أن الحب الجماعي للفن والتراث قادر على صنع المعجزات، مدعومًا بوفاء الجمهور وتعاون البلدية والمعتمدية لإنجاح الحدث.