في قلب الشمال الغربي التونسي حيث تتلاقى الأصالة مع خصوبة الأرض ستحتضن معتمدية غار الدماء بولاية جندوبة خلال الفترة من 25 إلى 27 أكتوبر 2025 الدورة السادسة من مهرجان الرمان، هذا المهرجان الذي أصبح رمزا سنويا للتلاقي بين الإنسان والطبيعة سيؤكد على دوره كمنصة استراتيجية تجمع بين الفلاحة والثقافة والتنمية المستدامة مقدما نموذجا فريدا في استثمار الموارد المحلية لصالح المجتمع والاقتصاد الإقليمي، ومن خلال شعار هذه الدورة "صحّتك بالدنيا" سيجسد المهرجان رسالة متكاملة تركز على الوعي الصحي والبيئي والثقافي والفلاحي مؤكدا أن الاحتفال الجماعي والإبداع المحلي سيكونان محركين أساسيين لتعزيز المجتمع وتحفيزه نحو مستقبل متوازن ومستدام.
ستبدأ فعاليات اليوم الأول بانطلاقة رسمية تشمل تحية العلم وكلمة افتتاحية تعكس طموح الجهة في بناء فضاءات تنموية متجددة وستتحول الساحة إلى فضاء نابض بالحركة حيث سيعرض الفلاحون منتوجاتهم المحلية من الرمّان والعسل وزيت الزيتون والحرف اليدوية لتصبح المنصة مركزًا لتبادل الخبرات والتجارب بين العارضين والزائرين، وفي الوقت نفسه ستشهد الخيمة الإرشادية نشاطات توعوية مكثّفة بإشراف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية تشمل ورشات تكوين حية تستهدف المرأة والشباب والطفولة، بالإضافة إلى حملات تحسيسية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بتنظيم ديوان الأسرة والعمران البشري وبالتعاون مع الدائرة الصحية، كما ستضفي عروض الكرنفال التي ستنظمها دار الثقافة أبعادا فنية على الفضاء لتؤكد أن الثقافة والفنون ستصبح أدوات استراتيجية لتعزيز الهوية المحلية والارتقاء بالمجتمع نحو مستقبل أكثر إشراقا، وفي المساء ستختتم فعاليات اليوم بعروض موسيقية متنوعة ما سيضفي على المهرجان بعدا روحانيا واجتماعيا متكاملا يجمع بين الفرح والتعلم والتنمية المجتمعية وهو ما سيعزز مفهوم الاحتفال المتكامل المستدام.
أما اليوم الثاني فسيصبح نموذجا حيا للتكامل بين التراث والفنون الحديثة والتعليم والوعي الصحي، إذ سيستمر المعرض التجاري والفلاحي في تقديم المنتوجات المحلية مع إدراج تقنيات تسويق مستدامة تعزز القيمة الاقتصادية للمنتوجات وتفتح آفاقا مستقبلية لدعم المشاريع الصغرى، كما ستجمع عروض الفروسية والفنون الشعبية بين الألوان التراثية والأداء التفاعلي ما سيتيح للجمهور تجربة تعليمية ممتعة فيما سيكتسب الأطفال والمراهقون قيم الانضباط والصبر والاحترام للطبيعة من خلال المشاركة الفعلية في الأنشطة.ط، وفي سياق تعزيز مهارات الأطفال الحياتية ستقدم فقرة "المسعف الصغير" دروسا عملية في الإسعافات الأولية بأسلوب مبتكر وتفاعلي ما سيعزز قدرتهم على مواجهة الطوارئ مستقبلا، كما ستسهم المؤسسات التربوية في إثراء التجربة المعرفية بعروض مسرحية وورشات علمية وصحية متقدمة تشمل التغذية وطب الأسنان والوقاية الصحية ليصبح كل جزء من اليوم فرصة للتعلم واكتساب مهارات حياتية جديدة، وفي ختام اليوم سترتقي الأنغام الصوفية في عرض "الحضرة" مع فرقة المهف شو لتصبح جسرا يربط بين الروح والفن الماضي والحاضر مؤكدا أن الثقافة الروحية ستصبح أداة فعالة لتعزيز الصفاء الداخلي والجماعي وترك أثر طويل الأمد في وعي المجتمع.
أما اليوم الثالث، فسيُخصص تتويجا للإبداع والحوار البناء بين الفلاحة والمجتمع المدني والمواطنين حيث ستكرم مسابقة الحرفيين أفضل الأجنحة مع التركيز على الابتكار في المنتجات المحلية واستراتيجيات التسويق المستدام ما سيؤكد قدرة الفلاحة على أن تتحوّل إلى محرك رئيسي للتنمية الاقتصادية المحلية، كما سينظم مركب الطفولة أنشطة توعوية حول الوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر بالشراكة مع الجمعيات المدنية ما سيعزز دور المهرجان في التربية المجتمعية للأطفال والمراهقين، ومن جهة أخرى ستتيح الندوات العلمية الفلاحية بإشراف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية فرصة لتبادل الخبرات مناقشة خطط تطوير قطاع الرمان ودعم الفلاحين بأساليب علمية وتقنية حديثة بما سيعزز قدراتهم الإنتاجية ويرسّخ أسس الاقتصاد المستدام، وستختتم فعاليات اليوم بعرض شعبي فولكلوري يحتفي بالتراث المحلي.ليؤكد أن الثقافة والفلاحة والإبداع ستتكامل لتشكّل نموذجًا فريدًا للتنمية المجتمعية المستدامة.
وختاما، ستجعل الدورة السادسة لمهرجان الرمّان بغارالدماء منه منصة استراتيجية للتنمية المستدامة تجمع بين الأصالة والابتكار، بين الإنتاج الزراعي والتعليم وبين الاحتفال الاجتماعي والوعي الصحي والبيئي، وبذلك سيصبح المهرجان نموذجا حيا يثبت أن الموارد الطبيعية والثقافية ليست مجرد إرث يحفظ بل أدوات فاعلة لبناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة لتظل غارالدماء أرضا للخصب والإبداع والتجدد المستمر.



