اختر لغتك

قوانين العنف ضد المرأة بين النص القانوني والواقع الاجتماعي بين فجوة التطبيق وتحديات المواجهة في تونس

قوانين العنف ضد المرأة بين النص القانوني والواقع الاجتماعي بين فجوة التطبيق وتحديات المواجهة في تونس

نظّمت الجمعية التونسية للحقوقيين بالوسط ندوة علمية وطنية حول "قوانين العنف ضد المرأة والتحولات الاجتماعية"، في إطار النقاش المتواصل حول مدى فاعلية الإطار التشريعي التونسي في مواجهة تفاقم ظاهرة العنف المسلط على النساء رغم مرور أكثر من سبع سنوات على دخول القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 حيز النفاذ، هذا القانون الذي عد حين صدوره خطوة تاريخية في مجال حماية المرأة أقر مقاربة شاملة تربط بين الوقاية والحماية والزجر والتكفل بالضحايا لكنه ما زال يواجه تحديات تطبيقية ومجتمعية تحد من نجاعة أثره الواقعي.

أكدت المداخلات أن تونس تمتلك اليوم واحدا من أكثر القوانين تقدما في المنطقة العربية، إذ يعرف القانون عدد 58 العنف ضد المرأة تعريفا واسعا يشمل العنف الجسدي والنفسي والجنسي والسياسي والاقتصادي والرقمي وينص في فصله الثالث على أن “كل اعتداء مادي أو معنوي أو لفظي ضد المرأة يقوم على أساس التمييز بسبب الجنس ويترتب عنه ضرر جسدي أو نفسي أو اقتصادي أو جنسي” يعد عنفا، كما تضمن القانون إجراءات صارمة من بينها إمكانية إيقاف المعتدي فورًا من قبل النيابة العمومية وإحداث مراكز إيواء للضحايا وإنشاء وحدات مختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة داخل الأجهزة الأمنية.

رغم هذا الإطار القانوني المتقدم، بينت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الأسرة والمرأة سنة 2024 أن أكثر من 58% من النساء في تونس تعرضن لشكل من أشكال العنف خلال حياتهن وأن 47% منهنّ عانين من العنف الأسري بينما سجلت حالات العنف الاقتصادي والجنسي ارتفاعًا ملحوظا بلغ 12% مقارنة بالسنوات السابقة، كما شهدت ظاهرة العنف الرقمي تطورا خطيرا إذ تشير دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أنّ واحدة من كل ثلاث نساء ناشطات على الإنترنت تعرضت للتحرش أو التشهير أو الابتزاز الإلكتروني، هذه الأرقام بحسب المشاركين تكشف عن فجوة واضحة بين النص القانوني والواقع الميداني وعن بطء في تفعيل الآليات الوقائية والزجرية المنصوص عليها في القانون.

وقد ناقش المشاركون كذلك العوامل الاجتماعية التي تغذي استمرار العنف منها الثقافة الذكورية المتجذرة وضعف الوعي القانوني لدى النساء بحقوقهن.إضافة إلى محدودية إمكانيات الدولة في مرافقة الضحايا نفسيا وقانونيا، فعدد مراكز الإيواء لا يتجاوز 10 مراكز على المستوى الوطني في حين أن الحاجة تتطلب شبكة تغطي جميع الولايات، كما أن.عدد الشكاوى التي تصل إلى القضاء لا تمثل سوى أقل من 20% من الحالات الحقيقية نتيجة الخوف من الفضيحة أو الضغوط العائلية أو نقص الثقة في المسار القضائي.

وفي جانب آخر، تطرق المتدخلون إلى مسألة العنف الرقمي باعتبارها شكلا متجددا من أشكال العنف يتطلب تحديث المنظومة التشريعية لتواكب التطورات التكنولوجية، فالقانون عدد 63 لسنة 2004 المنظم للاتصالات لم يعد كافيا لمواجهة الجرائم الإلكترونية ذات الطابع الجندري ودعي إلى سن قانون خاص بالعنف السيبراني ضد النساء يعرف بوضوح الجرائم الرقمية مثل التشهير والابتزاز ونشر الصور الخاصة دون إذن مع إرساء آليات تبليغ إلكترونية سريعة وآمنة.

كما أكدت الندوة أن مكافحة العنف ضد المرأة لا يمكن أن تعتمد فقط على التشريع والعقاب بل يجب أن تستكمل بسياسات تربوية وثقافية طويلة المدى. فالتغيير الحقيقي يمرّ عبر المدرسة ووسائل الإعلام وخطاب النخبة الدينية والثقافية، ومن الضروري وفق التوصيات تضمين مناهج التعليم مفاهيم المساواة وحقوق الإنسان وتكثيف الحملات التوعوية الدورية خاصة في المناطق الريفية التي ما تزال تشهد نسب عنف مرتفعة تفوق 70% من مجموع الحالات المسجلة.

في ختام الندوة، دعا المشاركون إلى مراجعة شاملة لمنظومة مكافحة العنف في تونس عبر تقييم دوري للقانون عدد 58 وتحيين الإجراءات التطبيقية لضمان فاعلية أكبر مع تخصيص ميزانية وطنية قارة لمكافحة العنف ضد المرأة وإرساء قاعدة بيانات وطنية لتوحيد الإحصائيات وأجمع الحضور على أن حماية المرأة من العنف ليست مجرد التزام قانوني بل واجب وطني وأخلاقي لأن كرامة المرأة هي مقياس حقيقي لمدى احترام المجتمع للعدالة والمساواة وحقوق الإنسان.

آخر الأخبار

3 أيام حاسمة في صراع القمة: الإفريقي يواجه الطليعة مرتين في ديربيات العاصمة!

3 أيام حاسمة في صراع القمة: الإفريقي يواجه الطليعة مرتين في ديربيات العاصمة!

صراع القمة يشتعل: الملعب التونسي يلحق بالإفريقي على قمة الرابطة المحترفة!

صراع القمة يشتعل: الملعب التونسي يلحق بالإفريقي على قمة الرابطة المحترفة!

قوانين العنف ضد المرأة بين النص القانوني والواقع الاجتماعي بين فجوة التطبيق وتحديات المواجهة في تونس

قوانين العنف ضد المرأة بين النص القانوني والواقع الاجتماعي بين فجوة التطبيق وتحديات المواجهة في تونس

تحديد موعد دربي العاصمة... وانتظارات كبيرة لتيفو استثنائي من جمهور الإفريقي في رادس

تحديد موعد دربي العاصمة... وانتظارات كبيرة لتيفو استثنائي من جمهور الإفريقي في رادس

“لوغوس” تكسر التقاليد!.. أول معرض كتاب في قصر بلديّة القلعة الصغرى ضمن مهرجان الرمان!

“لوغوس” تكسر التقاليد!.. أول معرض كتاب في قصر بلديّة القلعة الصغرى ضمن مهرجان الرمان!

Please publish modules in offcanvas position.