في خطوة تعكس تنامي القلق من الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة «أوبن أيه آي» عن سعيها لتعيين مسؤول تنفيذي رفيع يتولى مهمة شديدة الحساسية: رصد ودراسة المخاطر الناشئة التي باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تطرحها، من أمن الكمبيوتر إلى الصحة النفسية.
الرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان أقرّ، في منشور على منصة «إكس»، بأن نماذج الذكاء الاصطناعي «بدأت تطرح تحديات حقيقية»، مشيراً إلى مخاطر محتملة تتعلق بالصحة العقلية، إضافة إلى وصول بعض النماذج إلى مستويات متقدمة في أمن المعلومات تجعلها قادرة على اكتشاف ثغرات خطيرة قد تُستغل بشكل سيئ.
وقال ألتمان بوضوح لافت:
«نبحث عمّن يساعد العالم على تمكين المدافعين في الأمن السيبراني بقدرات متطورة، مع ضمان عدم تحول هذه الأدوات إلى أسلحة بيد المهاجمين»، مضيفاً أن التحدي لا يقتصر على الفضاء الرقمي، بل يمتد إلى القدرات البيولوجية وإلى الثقة في أنظمة قادرة على تحسين نفسها ذاتياً.
منصب حساس في زمن القلق
وتصف «أوبن أيه آي» وظيفة رئيس قسم الاستعداد بأنها حجر الزاوية في تنفيذ إطار الشركة الخاص برصد المخاطر القصوى، وهو الإطار الذي يهدف إلى تتبع القدرات المتقدمة التي قد تفضي إلى «ضرر جسيم» والاستعداد لها قبل خروجها عن السيطرة.
وكانت الشركة قد أعلنت، منذ 2023، إنشاء فريق خاص لدراسة ما سمته بـ«المخاطر الكارثية»، سواء القريبة مثل هجمات التصيد والاختراقات، أو الأبعد والأكثر إثارة للقلق، كتهديدات تتعلق بالأمن العالمي.
غير أن هذا المسار لم يكن مستقراً؛ فبعد أقل من عام، أُعيد تعيين رئيس قسم الاستعداد ألكسندر مادري في منصب آخر، كما غادر عدد من مسؤولي السلامة الشركة أو انتقلوا إلى أدوار لا ترتبط مباشرة بملفات المخاطر.
مرونة مثيرة للجدل
ومؤخراً، حدّثت «أوبن أيه آي» إطارها للاستعداد، ملوّحة بإمكانية تعديل معايير السلامة إذا أقدمت مختبرات منافسة على إطلاق نماذج عالية الخطورة دون ضوابط مماثلة، وهو ما أثار تساؤلات حول سباق محموم قد يُقدّم الابتكار على السلامة.
الصحة النفسية تحت المجهر
وتأتي هذه التحركات في وقت تتعرض فيه روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتدقيق متزايد بسبب تأثيراتها النفسية. فقد رُفعت دعاوى قضائية حديثة تتهم «شات جي بي تي» بتعزيز أوهام بعض المستخدمين، وزيادة عزلتهم الاجتماعية، بل ودفع حالات قصوى نحو الانتحار.
وتؤكد الشركة، في المقابل، أنها تعمل على تحسين قدرة النظام على رصد علامات الضيق النفسي وربط المستخدمين بخدمات دعم حقيقية خارج العالم الرقمي.
بين الابتكار والخطر
وبين وعود الذكاء الاصطناعي بإعادة تشكيل العالم، ومخاوف تحوّله إلى قوة يصعب ضبطها، يبدو أن «أوبن أيه آي» تبحث اليوم عن شخصية قادرة على لعب دور حارس البوابة: حماية المستقبل دون كبحه… وهي مهمة قد تكون الأخطر في عصر الخوارزميات.



