شهدت تونس تنظيم مسيرة شعبية واسعة بمناسبة الذكرى السنوية لثورة 17 ديسمبر مناسبة تتجاوز رمزية الاحتفال التاريخي لتصبح محطة سياسية وطنية مركزية تعكس وعي الشعب التونسي بمسؤولياته تجاه حماية الدولة ومؤسساتها وتعزيز سيادتها وترسيخ الشرعية الدستورية، وقد شارك في هذه المسيرة آلاف المواطنين من مختلف الجهات والفئات الاجتماعية متحدين حول موقف واضح وحاسم يؤكد دعمهم للقيادة الوطنية ممثلة في رئيس الجمهورية قيس سعيد والتزامهم بالمسار الدستوري الذي يضمن استقرار الدولة وصون مؤسساتها ويحصن القرار الوطني من أي تدخل خارجي سواء كان مباشرا أم ضمنيا سياسيًطا أو اقتصاديا أو إعلاميا.
ومن هذا المنطلق، تجلى توحد المشاركين في شعارات ومواقف واضحة تؤكد أن السيادة الوطنية ليست شعارا عابرا لكنه ممارسة يومية تتطلب حماية إرادة الشعب وحياد الدولة عن أي ضغط خارجي، وفي هذا السياق شدد المشاركون على أن الشرعية الحقيقية مستمدة من إرادة الشعب ومؤسساته الشرعية وأن أي تحوير انتقائي للدستور أو تقويض لمؤسسات الدولة يعد تهديدا مباشرا لمكتسبات الثورة وللبنية السياسية للبلاد ولأمنها الداخلي، كما أكدوا أن احترام الدستور لا يقتصر على النصوص القانونية بل يشمل التطبيق الفعلي لمبادئه بما يضمن استقرار الدولة واستمرارية مؤسساتها ويحميها من أي محاولات للتوظيف السياسي أو التأثير الخارجي.
وقد تميزت المسيرة بانضباط المشاركين وتنظيمها الدقيق إذ سارت المجموعات وفق مسارات محددة تحت إشراف فرق مدنية تطوعت لضمان النظام العام مؤكدين أن الدفاع عن الدولة ومؤسساتها لا يتحقق بالعنف أو الفوضى بل بالالتزام بالقانون والنظام وبممارسة وطنية مسؤولة تعكس وعيا عميقا بأهمية حماية المسار الوطني، كما حملت اللافتات والشعارات رسائل سياسية دقيقة تؤكد تعزيز وحدة الصف الوطني وتغليب المصلحة العامة ورفض كل أشكال الوصاية أو التدخل الخارجي معتبرة أن الحفاظ على الدولة الوطنية مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل مواطن ومؤسسة.
ومن جهة أخرى استحضرت المسيرة روح 17 ديسمبر بوصفها لحظة فاصلة في تاريخ تونس إذ تحررت خلالها إرادة الشعب من منظومات التهميش والتبعية وبدأت رحلة بناء دولة تقوم على إرادة المواطنين ووعيهم بمسؤولياتهم الوطنية، وبناء عليه أكد المشاركون أن حماية المسار الوطني اليوم هي استكمال لمسار الثورة وأن أي تراجع أو مساومة على السيادة يوازي التفريط في تضحيات الأجيال السابقة ويشكل تهديدا لمستقبل الأجيال القادمة وهو ما يستوجب يقظة مستمرة ومسؤولية وطنية جماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، رافقت المسيرة تغطية إعلامية واسعة محلية ودولية سلطت الضوء على حجم المشاركة وطبيعة الرسائل السياسية المطروحة وأهمية الحدث في إعادة صياغة النقاش حول السيادة الوطنية والشرعية الدستورية بما يعكس قدرة الشعب التونسي على التعبير عن إرادته بكل وضوح ووعي، وأكد المشاركون في لقاءات مباشرة أن الهدف من المسيرة ليس مجرد الاحتفال التاريخي بل إعادة التأكيد على قدرة الدولة على حماية دستورها ومؤسساتها وتمسكها بخياراتها الوطنية في مواجهة كل أشكال التدخل الخارجي المباشر وغير المباشر وتعزيز الوعي الشعبي بأهمية الوحدة الوطنية.
وعليه، فإن مسيرة 17 ديسمبر شكلت نموذجا حيا للوعي المدني والسياسي وأظهرت حرص الشعب التونسي على أن تبقى الدولة قوية، مستقلة وحرة تحمي مكتسباته وتضمن إرادة شعبها في تقرير مستقبله بكل حرية ومسؤولية، وبناء على ذلك فإن الثورة ليست حدثا من الماضي بل مسار حي مستمر يتطلب يقظة مستمرة ووحدة وطنية متينة وإرادة شعبية قوية لضمان أن تظل تونس دولة سيادة وأن يظل قرارها الوطني مستقلا ومستقبلها مؤمنا وفق أسس الشرعية الدستورية والقيم الوطنية الراسخة وهو ما يجعل من هذه الذكرى محطة دائمة لإعادة قراءة المسؤولية الوطنية وإعادة تأكيد الالتزام الجماعي بسيادة الدولة ومؤسساتها.
