في أجواء احتفالية مهيبة تحتفل تونس بالذكرى التاسعة والستين لانبعاث سلك الحرس الوطني بالتزامن مع حفل تخرج الدورة الخامسة والسبعين لعرفاء الحرس الوطني وذلك تحت إشراف السيد وزير الداخلية خالد النوري، وتأتي هذه المناسبة التي تجمع بين الوفاء لتاريخ التضحيات واستشراف المستقبل لتؤكد مجددا الدور المحوري لهذه المؤسسة في حماية الوطن واستقراره.
فمنذ تأسيسه في 6 سبتمبر 1956 لعب الحرس الوطني دورا أساسيا في حماية الوطن من مختلف التهديدات حيث ساهم بفاعلية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتأمين الحدود وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وليس هذا فحسب بل إن ما يميز هذه المؤسسة حقا هو التفاني المستمر لأبنائها الذين ضحوا بأوقاتهم وحياتهم في سبيل رفعة الوطن واستقرار مواطنيه، ومن ثم فإن الاحتفاء بهذه الذكرى يكتسب بعدا معنويا يتجاوز طابعه الاحتفالي.
هذا ويكتسب الاحتفال أهمية مضاعفة هذا العام إذ تزامن مع تخريج دفعة جديدة من عرفاء الحرس الوطني وهو ما يعكس ديناميكية المؤسسة واستثمارها المستمر في العنصر البشري، ومن هنا فإن التخرج لا يمثل مجرد لحظة احتفالية لكنه تجسيد لرؤية استراتيجية تهدف إلى ضمان استمرارية الكفاءات وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، وبالتالي يصبح تكوين العناصر الجديدة رسالة واضحة بأن الوطن يراهن على شبابه المؤهل والمجهز بالمعرفة والمهارات ليدافعوا عن أمنه واستقراره بكل إتقان وإخلاص.
وفي نفس السياق، لا يمكن الحديث عن الاحتفالية دون الإشارة إلى تضحيات أفراد الحرس الوطني المنتشرين في مختلف جهات الجمهورية والذين يواجهون يوميا ضغوط الواقع الميداني متجاوزين التحديات الشخصية في سبيل حماية البلاد، كما أن استحضار أرواح الشهداء من أبناء المؤسسة الذين دفعوا حياتهم ثمنا للواجب يذكر بأن هذه المسيرة لم تكن يوما سهلة بل كتبت بدماء العزيمة والإيمان الراسخ بالواجب الوطني وهو ما يضفي على الاحتفالية بعدا معنويا عميقا.
وعلى الرغم من مكانة الحرس الوطني كدرع حصين للأمن القومي، فإن الذكرى الحالية تبرز أيضا أهمية دعم المؤسسة بمزيد من الوسائل اللوجستية والتقنية المتطورة لضمان جاهزيته لمواجهة التحولات الإقليمية والتحديات الأمنية المستجدة، إذ إنه كلما تعززت قدرات هذا السلك ازدادت قدرة الدولة على حماية مواطنيها وضمان استقرار المجتمع بأكمله وهو ما يجعل الاحتفال بهذه المناسبة ليس مجرد احتفال رمزي بل لحظة لتأكيد الالتزام الوطني.
بالتالي، فإن الاحتفاء بهذه الذكرى مقرونا بتخريج الدورة الخامسة والسبعين ليس مجرد مناسبة عابرة لكنه تجديد للعهد بين أبناء المؤسسة والوطن وتأكيد على أن تونس ستظل آمنة ما دامت سواعد أبنائها متماسكة وعيونهم ساهرة وقلوبهم مؤمنة برايتها، ومن ثم يمثل هذا الاحتفال أيضا تحت القيادة الحكيمة للسيد وزير الداخلية خالد النوري رمزا للوحدة الوطنية ودرعا حيا لتاريخ الذي امتزج بالوفاء وتجسيدا لرؤية مستقبلية تنبني على العزيمة والإصرار.
