في خطوة وُصفت بالجريئة والطموحة، أعلن وزير السياحة سفيان تقية اليوم السبت 17 ماي 2025، عن تحويل بلدية حيدرة من ولاية القصرين إلى بلدية سياحية، مع إحداث منطقة سياحية جديدة على مساحة 8 هكتارات، وذلك خلال زيارة ميدانية رسمية إلى الجهة.
🏛️ عندما ينهض التاريخ من الركام
حيدرة، المدينة الحدودية الصامتة على وقع قرون من المجد والإهمال، تُبعث اليوم بروح جديدة. فقد كانت، ولا تزال، تحتضن الموقع الأثري الفريد "أميدرة"، أحد أهم الشواهد الرومانية في شمال إفريقيا، بمساحة تتجاوز 250 هكتارًا، وتزخر بـمعالم خالدة، من بينها مسرح روماني ما زال يحتفظ بجزء من ركحه ومدارجه، في انتظار أن يُعاد إليه صدى الحياة.
🛣️ من المعابر الحدودية إلى خارطة الاستثمار
الوزير أكد خلال كلمته أن هذا القرار يأتي في إطار مقاربة جهوية تستند إلى تثمين الموروث التاريخي وتحقيق العدالة التنموية، مشيرًا إلى أن الوزارة ستواصل إنشاء مناطق سياحية جديدة كلما توفرت الإمكانيات، مع تخصيص مقاسم لفائدة الوكالة العقارية السياحية.
حيدرة، التي تُعد نقطة عبور رئيسية للسياح الجزائريين، تتحوّل بذلك إلى منصة جذب استراتيجي تدمج بين السياحة الثقافية والحدودية، وسط اهتمام متصاعد من الفاعلين السياحيين بالجهات الداخلية.
🌀 زاوية تحليلية: حين يلتقي الفلسفي بالسياحي
تحويل مدينة مثل حيدرة إلى بلدية سياحية لا يُعد فقط قرارًا تنمويًا، بل هو رؤية فلسفية لإعادة كتابة العلاقة بين الإنسان والتاريخ. فالسياحة هنا ليست مجرد اقتصاد، بل مصالحة بين الماضي المهمل والحاضر الباحث عن هوية.
إن إحياء "أميدرة" هو بمثابة مقاومة ناعمة ضد النسيان، ورفض لأن تكون المدن الداخلية مجرد هوامش.
في هذه المقاربة، يتحول الموقع الأثري إلى ذات حية، تستنطق الحجارة وتمنح الأمل لأجيال جديدة أن الإرث يمكن أن يكون موردًا، لا عبئًا.