في خضم جهود الدولة لدعم السياحة البديلة وإنعاش المناطق الداخلية، أعلنت وزارة السياحة والصناعات التقليدية عن إعادة فتح مطار طبرقة خلال الأيام القليلة القادمة، في قرار وُصف بأنه استراتيجي ويتجاوز الطابع الموسمي التقليدي نحو إرساء نشاط سياحي دائم على مدار السنة.
هذه الخطوة التي أعلنها الوزير سفيان تقية من ولاية الكاف، جاءت بعد سلسلة لقاءات مع شركات أوروبية للنقل الجوي، وأكدت انخراطها في تأمين رحلات مباشرة نحو المدينة الساحلية الواقعة في الشمال الغربي التونسي، ما يعكس وجود رغبة فعلية في استثمار جاذبية الجهة، وخاصة طبرقة، التي ظلت لسنوات طويلة خارج خارطة الاهتمام السياحي المكثف.
السياحة الجهوية: ورقة رابحة مؤجلة
رغم ما تزخر به طبرقة من مناظر طبيعية خلابة، وغابات، وشواطئ صخرية فريدة، إضافة إلى مخزون ثقافي غني، فإنها ظلت تعاني من عزلة نسبية، بسبب غياب الربط الجوي المستقر ونقص البنية التحتية الفندقية.
لكن ما تغير اليوم هو ارتفاع الطلب من السياح الجزائريين خاصة، الذين يمثلون أحد أعمدة السياحة الوافدة إلى تونس، بالإضافة إلى تزايد اهتمام السياح الأوروبيين بتجارب السفر البديلة، مثل السياحة البيئية والثقافية، وهو ما يتوفر بكثافة في طبرقة والجهات المجاورة لها.
حلقة المطار – الإيواء – الخدمات
يرتكز نجاح هذه الاستراتيجية على تحقيق توازن بين استقطاب الوافدين وتوفير بنية تحتية قادرة على استيعابهم. وقد أشار الوزير تقية إلى أن الوزارة بصدد العمل على حل معضلة طاقة الإيواء، من خلال دعم النزل التقليدية وتشجيع دور الضيافة والاستثمار الخاص.
لكن فتح المطار وحده لا يكفي. المطلوب هو خطة متكاملة للنهوض بالخدمات السياحية، والترويج الدولي لطبرقة، وتكوين الموارد البشرية المحلية، ما يجعل من إعادة فتح المطار حجر الأساس فقط في معمار إصلاحي أوسع.
استثمار في التوازن الجهوي
الرسالة الرمزية الأقوى لهذا القرار تكمن في محاولة كسر المركزية السياحية التقليدية، التي حصرَت التنمية لعقود في سوسة، الحمامات، والمنستير. اليوم، بإعادة مطار طبرقة إلى العمل، تعلن الدولة نيتها الاستثمار في السياحة الجهوية كخيار تنموي مستدام، قادر على خلق مواطن شغل، وتحريك الاقتصاد المحلي، وتثمين المخزون البيئي والثقافي.
تحديات في الأفق
رغم أهمية هذا القرار، تبقى أمامه عدة تحديات:
- صيانة واستمرارية الخطوط الجوية
- جودة الخدمات السياحية في الجهة
- حماية البيئة من الاستغلال العشوائي
- وتحقيق تناغم بين المستثمرين، المجتمع المحلي، والسلطة الجهوية
فهل يكون مطار طبرقة بوابة جديدة نحو سياحة جهوية عادلة ومتوازنة في تونس؟