اختر لغتك

لماذا لا يتم رقمنة قطاع الصحة؟

لماذا لا يتم رقمنة قطاع الصحة؟

في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي، يظل القطاع الصحي أحد أبرز المجالات التي تستوجب تحديثا شاملا لمواكبة المتغيرات، ورغم أهمية هذا القطاع الحيوي، إلا أن المشكلات المتكررة، مثل طول فترات الانتظار، الأخطاء الإدارية، وغياب الربط الفعال بين المرافق الصحية المختلفة، تفرض ضرورة إيجاد حلول مبتكرة؛ هنا تبرز فكرة ربط كافة المستشفيات، المصحات، والعيادات الخاصة بمنصة إلكترونية موحدة، كخطوة نحو رقمنة الإدارة الصحية وتحقيق تحول نوعي في خدمات الرعاية.

مقالات ذات صلة:

الجباية والعدالة الاجتماعية في تونس هل تستطيع رقمنة الإدارة إنقاذ الاقتصاد وتحقيق الإنصاف؟

وزيرة التربية: الرقمنة شعارات فضفاضة في ظل واقع صعب لتلاميذ المناطق الداخلية

رئيس الجمهورية يشرف على وفد تونسي رفيع المستوى في زيارة إلى الصين.. الرقمنة حل ناجع ومقاومة للفساد

إن جوهر هذه الفكرة يتمثل في بناء نظام متكامل يتيح تبادل البيانات بين مختلف المؤسسات الصحية بسلاسة، فبدلا من التشتت الإداري، تصبح جميع السجلات الطبية موحدة ومحدثة بشكل لحظي، ما يضمن تقديم خدمات صحية أكثر كفاءة ودقة؛ تصور مثلا أن مريضا يمكنه، عبر تطبيقة إلكترونية واحدة، تحديد أقرب مستشفى تتوفر فيه الخدمة التي يحتاجها، أو الاطلاع على نتائج فحوصاته الطبية بشكل آني، بغض النظر عن الجهة التي أجرتها.

هذا الربط ليس فقط وسيلة لتنظيم المعلومات، بل هو حل جذري للمشكلات التي طالما عانى منها المواطنون، بدءا من ضياع الملفات الطبية، وصولا إلى سوء توزيع المرضى على المرافق الصحية.

كما أن من أبرز المعضلات التي تواجه القطاع الصحي اليوم هو العبء البيروقراطي الذي يثقل كاهل المريض والطبيب على حد سواء، اذ تنتظر الملفات دورها بين مكاتب الإدارة، وتتكرر الإجراءات بين منشأة وأخرى، مما يضيع الوقت والجهد، في حين يمكن انشاء منصة إلكترونية شاملة قادرة على إلغاء هذه الحواجز، حيث تصبح جميع البيانات مركزية وقابلة للتحديث في الوقت الفعلي.

هذه المنصة لا تعني فقط تحسين الكفاءة، بل تمثل أيضا أداة رقابية تعزز من الشفافية وتحد من الفساد، إذ يصبح من السهل تتبع مسار الأدوية، التحقق من الإجراءات، وضمان حقوق المرضى.

هذا ويعد الربط الرقمي بين المرافق الصحية يتجاوز كونه حلا عمليا، ليصبح مشروعا استراتيجيا لتحقيق استدامة في النظام الصحي، فهو يسمح باستخدام أفضل للموارد، سواء البشرية أو المادية، كما يسهم في تحسين التخطيط طويل المدى، عبر تحليل البيانات الكبيرة التي توفرها المنصة.

تخيل أن تتحول المعلومات الصحية المتاحة إلى دليل لصانعي القرار، لتحديد المناطق الأكثر احتياجا للخدمات الصحية، أو توقع الأوبئة قبل انتشارها، مما يمنح النظام الصحي قدرة استباقية غير مسبوقة.

بالطبع، لا يمكن إغفال التحديات التي تواجه مثل هذا المشروع، بدءا من توفير بنية تحتية رقمية متطورة، مرورا بحماية خصوصية المرضى، وصولا إلى تدريب الكوادر البشرية على استخدام التكنولوجيا بفعالية، ولكن هذه التحديات ليست مستحيلة التجاوز، فالاستثمار في التكنولوجيا ليس رفاهية، بل هو ضرورة ملحة في عالم يفرض على القطاعات جميعها التطور أو الاندثار.

بالإضافة إلى أن ربط المؤسسات الصحية بتطبيقة إلكترونية ليس فقط خيارا لتحسين الخدمات، بل هو خطوة نحو بناء نظام صحي متكامل وعصري يضع الإنسان في صميم أولوياته، كما إنه مشروع يعكس طموحا للارتقاء بجودة الحياة، وتجسيدا لرؤية عميقة نحو مستقبل صحي أكثر عدلا وكفاءة، فحينما تصبح التكنولوجيا وسيلة لخدمة الإنسانية، فإن كل تحد يتحول إلى فرصة، وكل مشكلة إلى بداية جديدة.

آخر الأخبار

العنف الرقمي ضد المرأة بين السلطة والسيطرة في العالم الرقمي

العنف الرقمي ضد المرأة بين السلطة والسيطرة في العالم الرقمي

"معًا نعيش": جولة شتوية مميزة لنشر قيم التعايش خلال عطلة الشتاء

"معًا نعيش": جولة شتوية مميزة لنشر قيم التعايش خلال عطلة الشتاء

أمين كمون يقود نادي حمام الأنف في مواجهة أزمة النتائج

أمين كمون يقود نادي حمام الأنف في مواجهة أزمة النتائج

Apple Watch Ultra: ثورة تقنية بصبغة فضائية وابتكارات صحية غير مسبوقة!

Apple Watch Ultra: ثورة تقنية بصبغة فضائية وابتكارات صحية غير مسبوقة!

انهيار النظام السوري: من استقرار مزعوم إلى سقوط مفاجئ في 10 أيام

انهيار النظام السوري: من استقرار مزعوم إلى سقوط مفاجئ في 10 أيام

Please publish modules in offcanvas position.