في خطوة تهدف إلى تطويق الارتفاع المتصاعد في أسعار الأضاحي ومواجهة ضغط الأسعار على المقدرة الشرائية للمواطن، أعلن المجمع المهني المشترك للحوم الحمراء والألبان، مساء اليوم، عن تحديد سعر مرجعي بـ21.900 دينار للكلغ حيّ لكافة الأوزان، وذلك بنقاط البيع المنظمة فقط، بداية من الخميس 29 ماي 2025.
🎯 هدف الإجراء: كسر فوضى الأسعار ومراعاة المقدرة الشرائية
القرار جاء ثمرة لجلسات عمل متعددة الأطراف، جمعت بين هياكل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والمجمع المهني المشترك، تحضيرًا لعيد الأضحى، الذي يشكل تقليديًا موسمًا اقتصاديًا حساسًا، بالنظر إلى رمزيته الدينية وارتباطه الوثيق بالحركية الاستهلاكية والاجتماعية.
وحسب البلاغ الرسمي، فإن هذا السعر تم ضبطه "مراعاة للمقدرة الشرائية للمواطنين"، وهو ما يشير بوضوح إلى إدراك السلطات لحجم الأزمة الاجتماعية وتداعيات التضخم على العائلات التونسية، خاصة ذات الدخل المحدود والمتوسط.
🐑 نقاط بيع منظمة... لكن هل تكون كافية؟
دعوة المجمع للمواطنين بالتوجّه إلى نقاط البيع المنظمة، تبدو في ظاهرها عملية لضمان جودة الأضاحي والتثبت من الأسعار، إلا أن التحدي الأكبر يبقى في عدد هذه النقاط وتوزيعها الجغرافي ومدى قدرتها على تلبية الطلب الوطني على الأضاحي.
ففي السنوات الماضية، اشتكى المواطنون من ندرة النقاط الرسمية، ما أجبر الكثير منهم على اللجوء إلى الأسواق العشوائية، حيث تغيب الرقابة وتنتعش المضاربة.
📉 هل يُلجم السعر المرجعي جشع المضاربين؟
في السوق الموازية، بلغ سعر الكيلوغرام الحي خلال الأيام الماضية أكثر من 26 دينارًا في بعض المناطق، ما يجعل السعر المرجعي المعلن اليوم فارقًا مثيرًا، لكن دون أدوات صارمة للرقابة، يبقى هذا الرقم حبرًا على ورق.
ويخشى المتابعون أن يتكرر سيناريو السنوات الماضية، حيث تتعالى أصوات المواطنين في اللحظات الأخيرة من اقتراب العيد، نتيجة احتكار الخرفان من قبل بعض السماسرة أو رفع الأسعار بطريقة غير مبررة، مما يحوّل الأضحية إلى عبء نفسي ومالي بدل أن تكون شعيرة دينية.
⚠️ إلى أين تتجه الأسعار فعليًا؟
خبراء اقتصاديون يرون أن السعر المرجعي لن يكون له أثر فعلي على السوق ما لم تُرفق هذه الخطوة بحملة مراقبة فعلية وصارمة للأسواق، وشفافية في تحديد الكميات الموزعة عبر النقاط المنظمة.
كما يشير البعض إلى ضرورة دعم الفلاحين الصغار عبر توفير الأعلاف بأسعار معقولة، حتى لا يجد هؤلاء أنفسهم مجبرين على البيع بأسعار أعلى خارج النقاط المنظمة، تعويضًا لتكاليف الإنتاج المرتفعة.
🗣️ المواطن بين مطرقة العادة وسندان الغلاء
مع اقتراب عيد الأضحى، تعيش الكثير من العائلات حالة توتّر غير معلن، حيث تزداد الضغوطات النفسية والاجتماعية للحفاظ على "عادة الأضحية"، ولو على حساب ميزانيات منهكة أصلاً.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح الدولة هذه السنة في فرض منطق الدولة أمام فوضى السوق؟ أم سيبقى المواطن وحده في وجه المضاربين؟