أثارت صورة للممثلة التونسية القديرة منى نور الدين وهي تؤدي دور راهبة في مسرحية "رقصة سما" للمخرج طاهر عيسى بالعربي، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي. المسرحية، التي قُدمت ضمن فعاليات الدورة 25 من أيام قرطاج المسرحية، عُرضت فيها نور الدين مرتدية زي راهبة مع قلادة صليب، ما أشعل موجة من الانتقادات والاتهامات بالترويج للديانة المسيحية، وصولًا إلى وصفها بالكفر.
مقالات ذات صلة:
أكامورا أو كل شيء عن أمي: دراما إنسانية عابرة للحدود على خشبة أيام قرطاج المسرحية
أيام قرطاج المسرحية في دورتها الـ25: فن مقاومة الظلم في زمن الأزمات
"أحلام سلام": مغامرة مسرحية في أعماق التاريخ
بين الفن والهجوم المتطرف
ردود الأفعال المتعصبة لم تتأخر، حيث اعتبر البعض أن ظهور ممثلة تونسية مع الصليب يتعارض مع قيم المجتمع، ووجهوا لها اتهامات تعكس فكرًا متحجرًا لا يفرق بين التمثيل كفن وبين المعتقدات الشخصية.
لكن على الجانب الآخر، انتفض قطاع واسع من التونسيين والمثقفين للدفاع عن نور الدين، معتبرين أن مثل هذه الانتقادات تكرس لثقافة الانغلاق وتستهدف حرية الإبداع.
وجيهة الجندوبي تدافع: مقارنة تكشف ازدواجية الفكر
في هذا السياق، دافعت الممثلة وجيهة الجندوبي عن نور الدين عبر منشور على فيسبوك. أشارت الجندوبي إلى أن تمثيل دور راهبة لا يختلف عن أدوار تمثيلية أخرى، واستشهدت بالفنانة السورية منى واصف التي أدت دور "هند بنت عتبة" في فيلم الرسالة، مشيرة إلى أنه رغم مشهدها الشهير الذي تأكل فيه كبد حمزة، لم يتهمها أحد بالترويج للعنف أو الكفر.
الفن وحرية التعبير في مواجهة التطرف
هذه الواقعة تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الفن في المجتمعات التي تصارع بين التقاليد والانفتاح. المسرحية، كغيرها من الأعمال الفنية، تعكس تجربة إنسانية تعبر عن شخصيات متنوعة دون أن تعكس بالضرورة معتقدات الممثلين.
منى نور الدين، برصيدها الفني الحافل، تعد رمزًا من رموز المسرح والدراما التونسية. وبدلاً من التركيز على الأداء الفني ودور المسرح في فتح آفاق جديدة، باتت الهدف لهجوم يعكس قصورًا في فهم الفن ودوره.
رسالة إلى جمهور الفن
الفن مرآة تعكس تنوع الإنسانية، ودور الفنان تقديم شخصيات مختلفة دون أن يكون مسؤولًا عن تأويلات متعصبة. هذه الحملة على نور الدين ليست مجرد انتقاد بل محاولة لتقييد الإبداع، وهو ما يجب أن يُرفض بقوة من كل المدافعين عن حرية التعبير والفن الراقي.
هل ستؤدي هذه الضجة إلى نقاش أعمق حول حدود الفن وحرية الممثل؟ أم ستبقى الأصوات المتعصبة تصدح أعلى من رسائل الإبداع؟ الوقت سيجيب، ولكن ما يبقى مؤكدًا هو أن منى نور الدين ستظل رمزًا من رموز الفن التونسي، عصية على حملات التشويه.