شؤون عربية

الجزائر – الخميس 15 ماي 2025 – تقرير خاص

تحوّلت الجزائر في يوم واحد إلى مسرح لكارثة طبيعية مروّعة، بعدما اجتاحت الفيضانات عدّة ولايات في الشمال والجنوب، مخلّفة خمسة قتلى على الأقل وأكثر من 100 جريح، في حصيلة مرشّحة للارتفاع. الأمطار الغزيرة، المصحوبة بحبات برد بحجم غير معتاد، حوّلت الشوارع إلى سيول جارفة وخلفت أضرارًا واسعة النطاق.

■ مأساة في الجلفة: حافلة تُغرق ركّابها

في ولاية الجلفة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائر، وقعت إحدى أسوأ الحوادث، حيث لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم بعدما حاصرت مياه الفيضانات حافلتهم وغمرتها بالكامل. شهود عيان تحدثوا عن مشاهد مرعبة وصراخ الركّاب الذين لم يتمكنوا من النجاة في الوقت المناسب.

وقال أحد الناجين:

"كانت المياه ترتفع بسرعة، لم نصدق أن الحافلة ستغرق... الناس حاولوا الخروج من النوافذ لكن التيار كان أقوى".

■ طفل ضحية "البرد القاتل"

في واقعة نادرة، توفي طفل يبلغ من العمر 13 سنة متأثرًا بإصاباته نتيجة تساقط حبات برد ضخمة، وصفتها مصالح الأرصاد الجوية بأنها "غير معتادة ومفاجئة من حيث الحجم والكثافة".

■ مفقودون ومصابون بالمئات

الحماية المدنية أكدت أيضًا أن شخصًا خامسًا جرفته المياه، في حين لا تزال عمليات البحث جارية عن شخص آخر مفقود في إحدى المناطق الجنوبية المتضررة. وتجاوز عدد المصابين حاجز الـ100، معظمهم نتيجة الانزلاقات أو انهيار أسقف منازل أو صدمات بسبب المياه.

■ السماء الغاضبة لا تهدأ

الطقس السيئ لم يتوقف، إذ استمر هطول الأمطار مساء الخميس على مناطق عدّة من شمال وجنوب الجزائر، وسط حالة تأهب قصوى بين وحدات الحماية المدنية. الطرقات المقطوعة، والانهيارات الجزئية لبعض المنازل، وحالة الذعر بين السكان، رسمت صورة قاتمة لنهار غير عادي في الجزائر.

■ أين الخطة الوطنية للطوارئ؟

الحادثة أعادت إلى الواجهة الأسئلة القديمة الجديدة حول مدى جاهزية السلطات لمواجهة الكوارث الطبيعية، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. ورغم مجهودات الحماية المدنية، اشتكى عدد من المواطنين من "بطء في التدخلات"، و"غياب تحذيرات مسبقة فعّالة" خصوصًا في المناطق الداخلية.

يقول أحد سكان الجلفة:

"كل عام نقول إنها آخر فيضانات... لكن الدولة لا تتعلم. نحن نموت مع كل موجة أمطار جديدة".

■ نداءات للإغاثة وتحذيرات جديدة

في خضم المأساة، دعت منظمات محلية إلى تقديم مساعدات عاجلة للأسر المتضررة، خصوصًا في المناطق التي عرفت انقطاعًا في الكهرباء والماء. كما حذرت مصالح الأرصاد الجوية من استمرار سوء الأحوال الجوية خلال الساعات القادمة، داعية المواطنين إلى عدم مغادرة منازلهم إلا للضرورة القصوى.

الجزائر التي قاومت الإرهاب لعقود، تواجه اليوم عدوًا طبيعيًا لا يُرى، لكنه يضرب بقسوة، ويترك خلفه المآسي والخسائر. فهل ستتعلّم الدولة الدرس هذه المرة؟