في خطوة تعكس عُمق الشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر، انطلقت بداية من 3 إلى 5 ديسمبر زيارة عمل رسمية يؤديها والي جندوبة الطيب الدريدي إلى ولاية الطارف الجزائرية، في تحرّك يُنتظر أن يفتح آفاقًا تنموية غير مسبوقة بين ولايات الحدود ويعزّز التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين.
وفد تونسي رفيع المستوى… دبلوماسية حدودية بأبعاد اقتصادية
رافق والي جندوبة وفد إداري واقتصادي موسّع يضم ممثلين عن وزارات الداخلية، التجارة، التنمية، التكوين المهني، والجمارك، إضافة إلى الهياكل الجهوية وغرفة التجارة والصناعة والاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار متابعة مشاريع التنمية المشتركة ودفع الملفات الاقتصادية الحيوية بين الجهتين الحدوديتين.
استقبال رسمي في معبر أم الطبول… رسائل واضحة حول التعاون
استُقبل الوفد التونسي في معبر أم الطبول من قبل والي الطارف محمد مزيان وأعضاء اللجنة الأمنية والسلطات المحلية، قبل أن ينتقل الجانبان إلى مقر الولاية حيث عُقدت جلسة عمل أولية بحضور مسؤولين مركزيين من وزارات الداخلية، التجارة، المالية، الخارجية، والنقل بالجزائر.
جلسة عمل محورية: نحو تعاون اقتصادي أكثر مرونة وحدود أكثر انسيابية
تم خلال اللقاء بحث ملفات كبرى أبرزها:
- تسهيل الحركة عبر الحدود وتطوير الخدمات في المعابر.
- تحفيز الاستثمار المشترك بين المؤسسات في جندوبة والطارف.
- تبادل الخبرات في التنمية الجهوية وتنسيق المشاريع ذات الأولوية.
متابعة تنفيذ خارطة الطريق التنموية المشتركة المنبثقة عن اجتماع طبرقة (جانفي الفارط).
مشاريع استراتيجية على الطاولة: تكوين، تبادل حرّ، وإنذار مبكر للحرائق
يتوقّع أن يقر الجانبان جملة من المشاريع المشتركة أبرزها:
- إحداث مؤسسة أو أكاديمية مهن مشتركة في إحدى المناطق الحدودية بجندوبة، تنفيذًا لمخرجات اجتماع وزيري التكوين المهني في نوفمبر الماضي.
- إنشاء منظومة إنذار مبكر لمجابهة الحرائق الغابية على مستوى المناطق الحدودية.
- إحداث منطقة تبادل حرّ بين تونس والجزائر لتعزيز المبادلات التجارية.
- مشاريع مشتركة في سلاسل القيمة الغذائية للمنتجات الغابية كالنباتات الطبية والزيوت الحيوية والمنتجات الحيوانية.
- بعث شركة تونسية–جزائرية للمعارض لتنشيط الحركة الاقتصادية بالولايات الحدودية.
- تطوير التدريب السياحي وتبادل المهارات بين جندوبة والطارف.
آفاق جديدة للحدود… من منطقة عبور إلى فضاء تنمية
تأتي زيارة والي جندوبة والوفد المرافق له في ظرف إقليمي يلقي بثقله على السياسات التنموية للبلدين، ما يجعل التعاون الحدودي أحد أهم الملفات الاستراتيجية المشتركة.
التحركات الحالية لا تقتصر على تبادل الزيارات، بل تؤسس — وفق المتابعين — لمنظور جديد للحدود يقوم على الشراكة لا العزل، وعلى الاستثمار لا الاكتفاء بالتسيير الإداري.
وبين مشاريع قيد الدرس وأخرى في طور الإنجاز، تبدو جندوبة والطارف أمام مرحلة جديدة قد تُحوّل المناطق الحدودية إلى رافعة حقيقية للتنمية المشتركة، وأكثر من ذلك… إلى نموذج يُحتذى به في التعاون المغاربي.
الحبيب الحرزي



