النسخة الإيرانية تتألق في قسم مسرح العالم الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية:
في إطار فعاليات قسم مسرح العالم ضمن الدورة السادسة والعشرين لـ أيام قرطاج المسرحية، قدّم فريق مسرح إيراني رؤية فنية جديدة ومختلفة لمسرحية "الملك لير" للمخرجة إيليكا عبد الرزاقي، حيث أعادت صياغة واحدة من أشهر روايات شكسبير بمنظور معاصر يطرح أسئلة حادّة حول الحقيقة، الزيف، السلطة، والعائلة.
رؤية معاصرة لأسطورة خالدة:
العمل اعتمد أسلوبًا موسيقيًا دراميًا يمزج بين الأداء التمثيلي والغنائي، ليعيد تشكيل مأساة الملك لير بلمسة فنية تبرز هشاشة الإنسان حين يخلط بين الإطراء الحقيقي والرياء المصطنع.
وتكشف المسرحية، في قالب بصري وجمالي متقن، كيف يتحول الحب إلى أداة اختبار، وكيف ينهار أسلوب الحكم حين يُقاس الولاء بالكلمات لا بالمواقف.
اشتغال مسرحي يعيد قراءة العلاقات الإنسانية:
الغوص في علاقة الملك ببناته الثلاث كان جوهر هذا العمل، فقد ركّزت المخرجة على:
- غرور السلطة حين تعمي البصيرة.
- هشاشة العائلة عندما تُستبدل المشاعر الصادقة بالخطابات المنمقة.
- الصراع بين الحقيقة والزيف باعتباره محور انزلاق الملك نحو الانكسار.
كما أضاء العرض على المفارقة بين قورديليا الصادقة وغونريل وريغان اللتين انطلقتا في لعبة خداع مُتقنة، أثرت في مسار الأحداث حتى بلغت المأساة ذروتها بسقوط الملك أمام عاصفة الجنون وفوات الأوان.
حضور إيراني يثري التنوع الثقافي في أيام قرطاج:
النسخة الإيرانية للعرض جاءت لتؤكّد الدور العالمي للمهرجان وقدرته على احتضان رؤى مختلفة تُعيد تقديم النصوص الكلاسيكية بحس جمالي متجدد.
وقد قدّم الفريق عملاً مشحونًا بالطاقة، قويًا في موسيقاه، متماسكًا في أدائه، ومخلصًا لروح شكسبير وإن اختلف في تفاصيل الإخراج وتقنيات السينوغرافيا الحديثة.
حين يعلّمنا لير معنى الرؤية:
يبقى "الملك لير" نصًا خالدًا لأنه يُذكّرنا بأن أخطر البلايا هي تلك التي نصنعها بأيدينا عندما نصدّق ما نريد سماعه ونكذّب ما يجب أن نراه.
وتنجح النسخة الإيرانية في قول ذلك بجرأة وفنّ، لتترك المتفرّج أمام مرآة كبيرة تسأل:
كم من "لير" يعيش بيننا؟ وكم من حقيقة نختار ألا نراها؟
نادرة الفرشيشي



