اختر لغتك

ذكرى سوداء - سقوط مخيم "تل الزعتر" وانهيار آخر حصون اللاجئين الفلسطينيين

ذكرى سوداء - سقوط مخيم "تل الزعتر" وانهيار آخر حصون اللاجئين الفلسطينيين

في مثل هذا اليوم، 13 أغسطس 1976، شهد التاريخ أحد أكثر فصوله دموية، عندما سقط مخيم "تل الزعتر" في بيروت تحت سيطرة "القوات اللبنانية"، وذلك بعد حصار دامٍ امتد لأكثر من 52 يومًا. كان المخيم، الذي يقطنه 20 ألف فلسطيني و15 ألف لبناني مسلم، مسرحًا لمجزرة مروعة ارتكبتها القوات المارونية اللبنانية مدعومة بالجيش السوري.

منذ أواخر يونيو 1976، بدأ حصار مخيم "تل الزعتر" بقيادة تحالف الميليشيات المارونية، الذي شمل حزب الكتائب بزعامة بيار الجميل، وميليشيا النمور التابعة لحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون، وميليشيا جيش تحرير زغرتا بزعامة طوني فرنجية، وميليشيا حُراس الأرز، وحركة أمل الشيعية. قطعت هذه القوات الماء والكهرباء والإمدادات الغذائية عن المخيم، مما دفع سكانه إلى حالة من اليأس والقنوط. تعرض الأهالي لقصف عنيف بأكثر من 55 ألف قذيفة، ومنعت المساعدات الإنسانية من الوصول إليهم، مما أدى إلى تفاقم المعاناة داخل المخيم.

في 14 أغسطس 1976، وبعد أن أنهك الحصار المخيم، تمكنت القوات اللبنانية من اقتحامه تحت غطاء من الجيش السوري. ما حدث بعد ذلك كان كارثة إنسانية بكل المقاييس؛ حيث ارتكبت القوات المهاجمة جرائم مروعة، من هتك للأعراض وبقر بطون النساء الحوامل، وذبح الأطفال والشيوخ. أحد شهود العيان وصف مشهدًا مرعبًا، حيث رأى ميليشيات تربط شابًا بين شاحنتين، لتسير كل واحدة منهما في اتجاه مختلف، مما أدى إلى تمزيق جسده.

لم تكن مجزرة "تل الزعتر" حدثًا منفصلًا؛ فقد سبقتها جرائم مشابهة في مخيمي "جسر الباشا" و"الكارنتينا"، حيث ارتكبت الميليشيات المارونية جرائم اغتصاب وهدم وسلب الأموال. في النهاية، خلفت المجازر في "تل الزعتر" وحده نحو 4280 قتيلًا، نصفهم قضوا خلال الحصار، والنصف الآخر أثناء محاولتهم الهروب من المخيم، وغالبيتهم كانوا من المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن.

اليوم، ما زال الدمار قائمًا في موقع المخيم، حيث قامت الجرافات التابعة للقوات اللبنانية بتسويته بالأرض. لم يُسمح بإعادة بنائه، وتشتت سكانه الناجون في مناطق متفرقة داخل لبنان، مثل البقاع وبعلبك، قبل أن يضطروا لاحقًا إلى الانتقال إلى مناطق أخرى بعد الاجتياح الإسرائيلي.

إن سقوط "تل الزعتر" ليس مجرد ذكرى مأساوية في تاريخ الصراع اللبناني-الفلسطيني، بل هو شاهد على حجم المأساة الإنسانية التي عاشها الآلاف من الأبرياء، وضحية لأطماع سياسية وصراعات خارجية أذكت نيران الحرب الأهلية اللبنانية.

آخر الأخبار

معركة الشريمي: الإفريقي في مواجهة تعنّت الاتحاد الليبي والسويحلي!

معركة الشريمي: الإفريقي في مواجهة تعنّت الاتحاد الليبي والسويحلي!

تلميذ يطعن معلمة داخل مدرسة للتكوين المهني

تلميذ يطعن معلمة داخل مدرسة للتكوين المهني

تايسون ومايويذر يتفقان على نزال استعراضي ضخم في 2026

تايسون ومايويذر يتفقان على نزال استعراضي ضخم في 2026

تونس تصون سيادتها وسط ضغوط أمريكية متناقضة وتؤكد أن الديمقراطية ليست سلعة

تونس تصون سيادتها وسط ضغوط أمريكية متناقضة وتؤكد أن الديمقراطية ليست سلعة

ليس الملح.. العدو الخفي لضغط الدم وأمراض القلب

ليس الملح.. العدو الخفي لضغط الدم وأمراض القلب

Please publish modules in offcanvas position.