من "خط مباشر" إلى "جدار صامت": هل انتهى شهر العسل بين ماكرون وتبون؟
✍️ إعداد: فريق مجلة "توانسة"
في تطوّر يعكس عمق التوتر، احتضن قصر الإليزيه اجتماعًا عالي المستوى مساء الأربعاء خصّص بالكامل لمناقشة أزمة العلاقات مع الجزائر. الاجتماع الذي ترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون بحضور وزراء السيادة، يأتي في خضم تعليق شامل للتعاون الثنائي بين البلدين، بما يشمل ملفات الهجرة والتأشيرات والتعاون الأمني.
أزمة بلا قنوات.. وأعصاب دبلوماسية مشدودة
المصادر الحكومية الفرنسية أكّدت أن الاجتماع ضمّ كلاً من رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، ووزراء الخارجية جان-نويل بارو، والداخلية برونو ريتايو، والعدل جيرالد دارمانان.
الملف الجزائري لم يعد تفصيلاً ثانويًا في الأجندة الفرنسية، بل تحوّل إلى "ورقة ضغط داخلية" خاصة مع اقتراب مواعيد انتخابية واستمرار الجدل حول الهجرة والهوية في فرنسا.
الأزمة الحالية، الممتدة منذ عشرة أشهر، بدأت بطرد دبلوماسيين وتدهورت إلى مستوى استدعاء السفراء وتعليق التأشيرات، وسط توتر غير مسبوق لم تشهده العلاقات بين باريس والجزائر منذ أكثر من عقدين.
من "مكالمة أمل" إلى صمت مطبق
في أبريل الماضي، مثّل الاتصال الهاتفي بين ماكرون وتبون بارقة أمل عابرة. المحادثة أعادت الحديث عن "المصالحة التاريخية" وإعادة إطلاق العلاقات على أسس جديدة، لكن ذلك لم يُترجم إلى خطوات عملية.
بل على العكس، أُغلقت مجددًا كل قنوات الاتصال، وسط تصلّب متبادل في المواقف.
ترحيل "غير ممكن".. وصمتٌ جزائري
من أكثر الملفات حساسية، قضية ترحيل الجزائريين غير النظاميين من فرنسا.
وزارة الداخلية الفرنسية تضغط لترحيل عشرات الأفراد الصادرة بحقهم قرارات إبعاد، لكنها تصطدم برفض جزائري قاطع لتسلّم القوائم.
السلطات الجزائرية تعتبر هذا النهج "أحاديًا ومهينًا"، وترفض أن تكون طرفًا في سياسة فرنسية "تستثمر الهجرة انتخابيًا"، وفق توصيف غير رسمي.
تاريخ مشحون.. ومستقبل غامض
الخلافات الفرنسية-الجزائرية لا تنحصر في ملفات راهنة فحسب، بل تتغذّى من ذاكرة استعمارية لم تُغلق بعد.
محاولات ماكرون في السنوات الأخيرة لمواجهة الماضي الاستعماري لبلاده، عبر الاعتراف بجرائم استعمارية أو دعم مؤرخين مستقلين، لم تُقنع الجانب الجزائري، الذي يرى في التصريحات الفرنسية "انتهازية سياسية بلا مضمون ملموس".
هل هناك مخرج؟
ما لم يحدث اختراق سياسي من أعلى مستوى، فإن القطيعة مرشحة للاستمرار، لا سيما في ظل تغيّر المزاج الجزائري الذي بات أكثر استقلالية، وتزايد النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، مقابل تراجع لافت للدور الفرنسي في الفضاء المغاربي.
وفي انتظار إعادة فتح الخط الساخن بين قصر المرادية وقصر الإليزيه، تُدار الأزمة اليوم على وقع العناد والتجاهل، لا الحوار والتفاهم.
📌 للنقاش: هل نحن أمام قطيعة ظرفية، أم نهاية مرحلة من العلاقات الفرنسية الجزائرية؟