بقلم: عزيز بن جميع
في زمن التكرار والنمطية، تبرز عفاف الغربي كاسم إعلامي اختار أن يخطّ مسيرته بأسلوبه الخاص، بعيدًا عن الضوضاء، وقريبًا من جوهر الرسالة الإعلامية. هي مذيعة لا تكتفي بالتقديم، بل تفكّر، وتبحث، وتصنع الفرق أينما حلّت.
بين التلفزة والإذاعة، تنوّع في المضامين وغنى في الأداء. من البرامج السياسية إلى الثقافة، مرورًا بالفن والطب والشأن العام، أثبتت عفاف أنها إعلامية شاملة، لا تحدّها المواضيع ولا تحصرها القوالب. في كل تجربة، توقّع بصمتها الخاصة، وتؤكد حضورها الهادئ والثابت.
في إحدى حلقاتها الأخيرة، قدّمت عفاف حوارًا ثريًا حول الذكاء الاصطناعي والمعطيات الشخصية. لم تكن مجرد واجهة تقرأ الأسئلة، بل محاورة متمكنة، تفتح الملفات بذكاء، وتحترم عقل المشاهد. جعلتنا نتابع موضوعًا معقدًا بأسلوب سلس، لا يخلو من العمق ولا يفتقر إلى الإحاطة.
أما في الإذاعة، فهي على سجيتها. صوت دافئ، إيقاع متزن، وطرح بعيد عن الافتعال. هناك، تتقاطع الخبرة مع القرب من الناس، ويظهر وجهها الآخر... وجه المرأة المثقفة، الحاضرة، والمتمكنة من أدواتها.
عفاف الغربي ليست مجرد مقدّمة برامج. إنها مشروع إعلامي يشتغل على نفسه، ويتطوّر باستمرار، ويصرّ على أن يكون للإعلام في تونس وجوه نسائية قادرة على المنافسة دون ضجيج.
في عالم الإعلام، هناك من يلمع سريعًا ثم يخفت، وهناك من يشقّ طريقه بثبات ويصنع من اسمه مرجعًا... وعفاف من هذا الصنف الأخير.