اختر لغتك

كيف تتعامل بحكمة مع سلوكيّات الطفل العدوانيّة بمختلف أنواعها؟ 

كيف تتعامل بحكمة مع سلوكيّات الطفل العدوانيّة بمختلف أنواعها؟ 

كتبت: يارا السامرائي 

السلوكيّات العدوانيّة لدى الطفل قد تتنوّع بين العدوان اللفظيّ والجسديّ، وقد تظهر على الطفل في مراحل مختلفة من نموّه. يتطلّب التعامل مع هذه الظاهرة تحليلًا عميقًا لأنواعها وفهمًا دقيقًا لأسبابها، بالإضافة إلى اتّباع نهج علميّ دقيق للتدخّل والتقليل من آثارها السلبيّة.

أنواع السلوكيّات العدوانيّة لدى الطفل وكيفيّة التعامل معها

1. العدوان الجسديّ: يشمل الضرب، الركل، الدفع، أو استخدام أيّ شكل آخر من أشكال العنف الجسديّ ضدّ الآخرين. قد تظهر هذه السلوكيّات خاصّة في الأطفال الذين لا يملكون طُرُقًا صحّيّة للتعبير عن مشاعرهم.

- مثال: طفل يضرب زميله في المدرسة لأن الأخير أخذ لعبته.

- كيفيّة التعامل: يجب على المعلِّم أو الوالدين التدخّل فورًا، لشرح أنّ العنف غير مقبول، وتوضيح أنّ بإمكان الطفل التعبير عن غضبه باستخدام الكلمات. يمكن تعليم الطفل كيفيّة قول: "أرجوك لا تأخذ لعبي"، أو "أشعر بالغضب عندما يحدث هذا"، بدلًا من استخدام العنف.

2. العدوان اللفظيّ: يتضمّن الصراخ، التهديدات، الشتائم، والإهانات. قد يهدف الطفل من خلال هذا النوع من العدوان إلى إهانة الآخرين، أو تهديدهم للسيطرة على المواقف.

- مثال: طفل يصرخ على أخيه الصغير قائلًا: "أنت غبي"، أو "لا أحد يحبّك".

- كيفيّة التعامل: يجب إيقاف السلوك بشكل فوريّ مع شرح العواقب. مثلًا: "الكلمات تؤذي الناس، ولا ينبغي أن نقول أشياء مؤلمة للآخرين". يمكن تعليم الطفل بدائل لغويّة للتعبير عن مشاعره، مثل: "أنا غاضب جدًّا الآن"، بدلًا من استخدام كلمات جارحة.

3. العدوان الاجتماعيّ: يشمل العزل المتعمّد للآخرين، نشر الشائعات، أو محاولة الإضرار بسمعة شخص ما. غالبًا ما يظهر هذا النوع من السلوك في المراحل المتقدّمة من الطفولة.

- مثال: طفل ينظّم مجموعة من الأصدقاء لتجنّب زميل آخر أو نشر شائعة ضارّة عنه.

-كيفيّة التعامل: من الضروريّ توعية الطفل بأنّ العزل الاجتماعيّ والتشهير بالآخرين لا يؤذي الشخص المستهدَف فقط، بل يؤثّر أيضًا على علاقاته بالآخرين. يمكن أن يتضمّن ذلك تعليم الطفل قيَم التعاون والتعاطف، وإظهار كيفيّة التعامل مع الخلافات بطُرُق سلميّة.

4. العدوان الانفعاليّ: بعض الأطفال يظهرون عدوانًا في شكل تصرّفات من قبيل الانفجارات العاطفيّة المفاجئة، التدمير المفرط للأشياء، أو العصبيّة المفرطة. في هذه الحالات، قد يكون الطفل غير قادر على التعامل مع مشاعره بشكل صحّيّ.

- مثال: طفل يُظهر نوبات غضب شديدة ويحطّم ألعابه، أو يصرخ عندما لا يحصل على ما يريد.

- كيفيّة التعامل: في هذه الحالة، يحتاج الطفل إلى تعلّم كيفيّة السيطرة على مشاعره. يمكن للوالدين أو المعلّمين تعليم الطفل تقنيّات التحكّم في الغضب، مثل: العدّ ببطء حتّى الرقم 10، أو أخذ أنفاس عميقة قبل الردّ بالمواقف التي تثير غضبه. من المهمّ أيضًا تجنّب تعميق النزاع أو الصراخ في وجه الطفل، بل محاولة تهدئته ومنحه الفرصة للتعبير عن نفسه.

5. العدوان المتعلّق بالغيرة أو الإحباط: يُعتبر هذا النوع من الأنواع الشائعة عند الأطفال؛ إذ يظهر عندما يشعر الطفل بعدم الرضا، أو التوتّر نتيجة للمقارنة مع الآخرين، أو عدم تلبية احتياجاته العاطفيّة. في حالات الغيرة، قد يظهر الطفل سلوكيّات عدوانيّة تجاه إخوته أو أقرانه، مثل: ضربهم أو التصرّف بطريقة مسيئة، خاصّة إذا شعر بأنّ هناك تحيّزًا أو نقصًا في الاهتمام الموجّه له. أمّا في حالة الإحباط، فيكون العدوان نتيجة لعدم تمكّن الطفل من تحقيق هدف معيّن أو نقص في قدراته على مواجهة تحدّيّاته، مما يجعله يعبّر عن مشاعره بطريقة عدوانيّة سواء لفظيًّا أو جسديًّا. تعدّ هذه الأنواع من العدوان جزءًا من عمليّة النموّ الطبيعيّ، لكن يحتاج الطفل إلى التوجيه والدعم من الأسرة والمعلّمين لتعلّم كيفيّة التعامل مع مشاعره بطُرُق أكثر إيجابيّة.

- مثال: طفل يشعر بالغيرة من نجاح زميله في المدرسة، فيبدأ بتوجيه اللوم أو الإساءة إليه.

- كيفيّة التعامل: يمكن مساعدة الطفل على فهم أنّ الشعور بالغيرة طبيعيّ، ولكن التصرّف العدوانيّ ليس الطريقة الصحيحة للتعامل معه. يجب تشجيع الطفل على الإعجاب بتفوّق زميله والاعتراف بإنجازاته بدلًا من السلوك العدوانيّ. على الوالدين أو المعلّمين تقديم الدعم العاطفيّ والمساعدة في تعزيز ثقته بنفسه.

6. العدوان الناتج عن صعوبات في التواصل: هذا أيضًا نوع شائع لدى الأطفال، ويظهر عندما يواجه الطفل صعوبة في التعبير عن مشاعره أو احتياجاته بشكل مناسب. قد يواجه بعض الأطفال مشاكل في اللغة أو في فهم الآخرين، مما يجعلهم يشعرون بالإحباط والعجز. نتيجة لهذا العجز في التواصل، قد يعبّر الطفل عن مشاعره بعدوانيّة، سواء من خلال الكلمات الجارحة أو السلوكيّات الجسديّة، مثل: الضرب، أو الدفع. هذه الصعوبات قد تحدث بسبب تأخّر في تطوّر اللغة أو اضطرابات في التواصل، مثل: التوحّد، أو مشاكل سمعيّة. يحتاج الطفل في هذه الحالة إلى دعم متخصّص من خلال تدخّلات علاجيّة أو تعليميّة تساعده على تحسين مهاراته في التعبير والتفاعل الاجتماعيّ، مما يقلّل من فرص حدوث العدوان نتيجة للإحباط والتوتّر الناتج عن صعوبة التواصل.

- مثال: طفل صغير لا يستطيع التعبير عن احتياجاته بالكلمات، فيلجأ إلى الصراخ أو ضرب الآخرين.

- كيفيّة التعامل: في هذه الحالة، يجب تدريب الطفل على تطوير مهارات التواصل الخاصّة به. يمكن استخدام الألعاب والأنشطة التي تشجّع على التعبير عن المشاعر والكلمات المناسبة، مثل: استخدام صور تعبيريّة توضّح مشاعر مختلفة، أو استخدام قصص تعليميّة تبرز طُرُق التعبير الجيّد عن الغضب.

7. العدوان الناتج عن التسلّط والتنمّر: هو نوع من السلوك العدوانيّ يظهر على الأطفال الذين يمارسون التسلّط على أقرانهم أو يتعرّضون له. في بعض الحالات، قد يكون الطفل المعتدي ضحيّة للتسلّط في بيئته، مثل: في المنزل أو المدرسة، ويقوم بتوجيه العدوان نحو الآخرين كوسيلة للتعويض عن مشاعر الضعف أو الفشل. أمّا في حالات أخرى، فقد يكون الطفل الذي يتسلّط لديه رغبة في فرض السيطرة على الآخرين لإثبات قوّته أو مكانته الاجتماعيّة. يمكن أن يتّخذ التسلّط والتنمّر أشكالًا متعدّدة، منها العدوان الجسديّ، مثل: الضرب أو الدفع، والعدوان اللفظيّ، مثل: السخرية أو الإهانات. هذه السلوكيّات تؤثّر سلبًا على الضحايا، وتؤدّي إلى تدهور الثقة بالنفس والعلاقات الاجتماعيّة. من الضروريّ أن يتدخّل الآباء والمعلّمون بشكل فاعل لتوعية الأطفال حول أضرار التسلّط وتعزيز قيَم الاحترام المتبادل والتعاون بين الأقران.

- مثال: طفل يحاول السيطرة على مجموعة من الأطفال في الفصل أو في الملعب، ويشهر التهديدات في حال رفضوا الانصياع لرغباته.

- كيفيّة التعامل: يجب أن يكون هناك تدخّل فوريّ من المعلّمين أو الوالدين لتوضيح أنّ السلوك التسلّطيّ غير مقبول. يمكن تعليم الأطفال أهمّيّة الاحترام المتبادل والعمل الجماعيّ، بالإضافة إلى تعليمهم كيفيّة التعامل مع المشاعر عندما لا يحصلون على ما يريدون. 

يمكن القول إنّ التعامل مع سلوكيّات الطفل العدوانيّة يتطلّب فهمًا عميقًا لطبيعتها وأسبابها، بالإضافة إلى اتّباع أساليب علميّة مدروسة للتدخّل. من خلال تعزيز التواصل الفعّال مع الطفل، وتقديم الدعم العاطفيّ، وتعليمه طُرُقًا إيجابيّة للتعبير عن مشاعره، يمكن تقليل هذه السلوكيّات بشكل كبير. كما أنّ دور الأسرة والمعلّمين في توجيه الطفل وتعزيز قيَم الاحترام والتعاون يُعدّ أساسيًّا في بناء شخصيّة متوازنة قادرة على التعامل مع التحدّيّات بطُرُق بنّاءة. إنّ الاستثمار في تربية الطفل بحكمة وصبر هو استثمار في مستقبل أفضل له وللمجتمع ككل.

آخر الأخبار

💣 زواج على الورق فقط... 50 ألف دينار تحرم التونسيين من تكوين أسرة!

💣 زواج على الورق فقط... 50 ألف دينار تحرم التونسيين من تكوين أسرة!

لطيفة العرفاوي... تكريم بصوت الوطن ودمعة الاعتراف

لطيفة العرفاوي... تكريم بصوت الوطن ودمعة الاعتراف

حين تتحد الكلمة مع الفعل يعاد صياغة الواجب تجاه الطفولة 

حين تتحد الكلمة مع الفعل يعاد صياغة الواجب تجاه الطفولة 

خطر الإدمان، فوضى الإنترنت... وطفل يعيد كتابة القصة: وزارة الأسرة تشعل معرض الكتاب بورشات حية ونقاشات جريئة!

خطر الإدمان، فوضى الإنترنت... وطفل يعيد كتابة القصة: وزارة الأسرة تشعل معرض الكتاب بورشات حية ونقاشات جريئة!

ثوانٍ من الظلام: أوروبا على حافة العتمة بعد انهيار كهربائي غامض!

ثوانٍ من الظلام: أوروبا على حافة العتمة بعد انهيار كهربائي غامض!

Please publish modules in offcanvas position.