تونس – الخميس 15 ماي 2025 | تقرير خاص
في سابقة تُنذر بانفجار داخلي غير مسبوق، طالب الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، أحد أقوى الأجنحة النقابية في تونس، بإيقاف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، عن النشاط النقابي فورًا، متهمًا إيّاه بـ"شق الصفوف" و"المسّ من كرامة القيادة الجهوية".
■ اتهامات خطيرة وطلب إحالة على "النظام الداخلي"
وفي بيان ناري أصدره اليوم الخميس، أكد الاتحاد الجهوي أن قسم النظام الداخلي بالاتحاد العام طالب رسميًا بإحالة الطبوبي على الهيئة الوطنية للنظام الداخلي، مشيرًا إلى "إخلاله بالميثاق النقابي ومحاولاته المتعمّدة لضرب وحدة المنظمة".
وأضاف البيان:
"نُحمّل الأمين العام مسؤولية تمزيق الصف النقابي بجهة صفاقس، والمسّ من رمزية القيادة الجهوية، ومحاولة فرض وصاية بيروقراطية مرفوضة شعبيًا ونقابيًا".
■ صفاقس تتوعّد وتُعلن حالة استنفار
الهيئة الإدارية الجهوية لاتحاد الشغل في صفاقس أعلنت دخولها في حالة انعقاد دائم لمتابعة ما وصفته بـ"التطورات الخطيرة"، مؤكدة في لهجة حاسمة:
"الاتحاد ليس ملكًا لأحد، ولن نسمح بتحويله إلى واجهة سياسية أو أداة للتوظيف".
■ خلفية الخلاف: صراع هيمنة وهيكلة
الصدام بين نور الدين الطبوبي والاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ليس وليد اللحظة. فقد تعمّقت الخلافات منذ أكثر من عامين، بعد أن اتهمت الجهة الطبوبي بالتهميش المقصود لقياداتها وإقصائها من المشاورات المركزية في ملفات حارقة كالإصلاح التربوي والملف الاجتماعي.
كما تتهم صفاقس القيادة المركزية بـ"الانحراف عن المسار النقابي" والانخراط في صفقات سياسية ضيّقة لا تعكس تطلعات القواعد، خاصة بعد ما اعتُبر تقاربًا مبهمًا مع السلطة التنفيذية في ملفات كبرى مثل التفاوض الاجتماعي ومسألة الزيادة في الأجور.
وقد بلغ الخلاف ذروته نهاية 2024، عندما رفض الطبوبي المصادقة على مؤتمر جهوي لصفاقس، بحجّة "إخلالات تنظيمية"، وهو ما اعتبرته الجهة "انقلابًا على الشرعية النقابية".
■ "الطبوبي في الزاوية"... هل حانت ساعة الحساب؟
تأتي هذه الأزمة في ظرف اجتماعي دقيق، وسط تراجع ثقة القواعد في القيادة المركزية، وتصاعد الأصوات الداعية إلى ديمقراطية أفقية داخل الاتحاد، بعد سنوات من السيطرة المطلقة من قبل القيادة الحالية.
وتُعدّ جهة صفاقس قلبًا نابضًا للنقابة العمالية، ومتى تحرّكت، فإن زلزالًا داخليًا يضرب المركزية النقابية. ما يزيد المشهد توترًا هو أن التحرك الأخير يحمل طابعًا تنظيميًا غير مسبوق، إذ صدر من قسم النظام الداخلي نفسه، وليس من جهة معارضة تقليدية.
■ لا تعليق رسمي من الطبوبي... والشارع النقابي يغلي
حتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يصدر أي رد رسمي من الأمين العام نور الدين الطبوبي، فيما تشهد الصفحات النقابية على شبكات التواصل حالة احتقان غير مسبوقة، وسط دعوات إلى عقد مؤتمر استثنائي وانتخابات عاجلة.
هل بدأ العدّ التنازلي لرحيل نور الدين الطبوبي؟
وهل تتجه تونس إلى مرحلة إعادة تشكيل قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل من الداخل؟
الأكيد أن ما بعد 15 ماي لن يكون كما قبله في بيت النقابة الأكبر في البلاد.