من الإسماعيلية – مأساة إنسانية تتجاوز الخيال
ما زالت محافظة الإسماعيلية ترزح تحت وطأة صدمة لا تُحتمل، بعدما تحوّل خلاف بين طفلين إلى جريمة تهزّ الضمير الإنساني. طفلٌ لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، يقتل زميله ذي الثانية عشرة، يقطّع جثته إلى ستة أجزاء بمنشار كهربائي، ثم يروي ببرود ما فعل قائلاً في اعترافاته: "طعمه كان زي البانيه."
التحقيقات التي أجرتها السلطات المصرية كشفت تفاصيل تُجمد الدم في العروق. المتهم، يوسف أيمن، دخل في شجار مع صديقه محمد أحمد محمد الذي هاجمه بسلاح أبيض “كتر”، ليرد عليه يوسف بضربة قاتلة باستخدام شاكوش، أردته صريعًا في الحال.
ثم… في لحظة تجردٍ من كل إحساس، أمسك بالمنشار الكهربائي الخاص بوالده، وبدأ في تقطيع الجثة إلى أجزاء صغيرة، وضعها داخل حقيبته المدرسية، وتخلّص منها خلف أحد المراكز التجارية.
كاميرات المراقبة كانت الشاهد الصامت الذي كشف الحقيقة — المجني عليه دخل منزل المتهم ولم يخرج منه أبدًا.
وفي الداخل، كانت الأدلة تتحدث: ملاءة مضرجة بالدماء، أدوات الجريمة، وصمت ثقيل لا يقطعه إلا همس رجال الأمن المذهولين.
التحريات أكدت أن الجريمة لم تكن بدافع السرقة أو الانتقام، بل كانت نتاج تأثرٍ مرضي بمشاهد العنف في أحد الأفلام الأجنبية عن قاتل متسلسل، حاول الطفل تقليده في لحظة انعدام وعي.
التحقيقات أوضحت أيضًا أن يوسف يعيش في بيئة أسرية مضطربة بعد أن تركته والدته، ما جعله فريسة سهلة للعزلة، ولعالم رقمي يعجّ بالمشاهد الدموية والمحتوى المظلم.
النيابة العامة أمرت بعرضه على الطبّ النفسي الشرعي لتحديد مدى سلامة قواه العقلية، مؤكدة أنّ التحقيقات ما زالت جارية في جريمة تجاوزت حدود الخيال والعقل، وأطلقت إنذارًا مخيفًا حول تأثير الإهمال الأسري والمحتوى العنيف على عقول الأطفال.
وفيما تستفيق الإسماعيلية على وقع هذه المأساة، يبقى السؤال المرعب معلقًا في الأذهان:
هل أنجبت شاشاتنا قاتلًا جديدًا؟ أم أنّ غياب العاطفة هو من صنع هذا الوحش الصغير؟
اللهم احفظ أبناءنا من كلّ شر، ومن كلّ صديق سوء، ومن عالمٍ رقمي يقتل فيهم البراءة قبل أن يقتل أجسادهم.