يحتفي العالم، اليوم الخميس 18 ديسمبر، باليوم العالمي للغة العربية، في موعد سنوي يكرّس مكانة لغة الضاد باعتبارها لغة حيّة، ضاربة في عمق التاريخ، وقادرة على التفاعل مع تحوّلات العصر. وقد اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) هذا التاريخ تخليدًا لقرار سنة 1973 القاضي باعتماد العربية لغة رسمية ضمن لغات الأمم المتحدة.
ويمثّل هذا اليوم مناسبة دولية لإعادة الاعتبار للغة العربية، وتسليط الضوء على دورها المحوري في بناء الحضارة الإنسانية وإسهامها في إثراء لغات وثقافات أخرى، إلى جانب البحث في سياسات حديثة تضمن دعم حضورها ومستقبلها في مجالات التعليم والمعرفة والإعلام.
وتُعدّ العربية من أعرق اللغات السامية، إذ يقدَّر عدد الناطقين بها بنحو 550 مليون شخص حول العالم، ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث عدد المتحدثين. وهي اللغة الأمّ لحوالي 300 مليون شخص، فيما يعتمدها قرابة 250 مليونًا كلغة ثانية، منتشرين أساسًا في الوطن العربي، إلى جانب مناطق في إفريقيا وآسيا، فضلًا عن مكانتها الدينية بوصفها لغة القرآن الكريم، واعتمادها لغة رسمية في 27 دولة.
وتشير دراسات مستقبلية إلى أن عدد المتحدثين بالعربية كلغة أولى قد يرتفع إلى نحو 647 مليون شخص بحلول سنة 2050، وهو ما يعكس ديناميكيتها وقدرتها على التمدد رغم التحديات.
تونس تحتفي بالعربية… فكرٌ وتكامل اختصاصات
وفي السياق ذاته، تشارك تونس في هذا الاحتفاء من خلال تنظيم ندوة فكرية بعنوان “اللغة العربية وتضافر الاختصاصات”، يوم السبت 20 ديسمبر الجاري، بمقر المكتبة الجهوية متعددة الوسائط بأريانة، وذلك بمبادرة من الجمعية التونسية للتربية والثقافة بالشراكة مع المكتبة.
وتندرج هذه الندوة في إطار تعزيز الوعي بأهمية العربية والمحافظة عليها، وترسيخ حضورها في الفضاءات التعليمية والإعلامية والثقافية، بما يضمن نقلها إلى الأجيال القادمة باعتبارها رافعة للهوية ووعاءً للمعرفة.
ويتضمّن البرنامج سلسلة من المداخلات التي تلامس قضايا راهنة، من بينها: تشوّهات الثقافة بين اللغة الأم ولغة اليوم، العربية والأمن الثقافي، تحوّلات الأدب العربي، دور الإعلام الرقمي في تعزيز استخدام العربية، العربية في الخطاب الغنائي والتعليمي والموسيقي، إلى جانب جدلية العربية والدارجة في الفضاء الإعلامي.
هكذا يعود اليوم العالمي للغة العربية ليؤكّد أنّ لغة الضاد ليست مجرّد إرثٍ لغوي، بل مشروع حضاري متجدد، يستمدّ قوته من تاريخه، ويصنع مستقبله بتضافر الجهود وحسن الاستثمار في المعرفة والإبداع.



