منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، تشهد منطقة الشرق الأوسط توترات متصاعدة غذّت المخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية شاملة، في ظل الحرب التي تُوصف بـ"الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والاعتداءات المتكررة على سكان الضفة الغربية.
وفي فصل جديد من هذا التصعيد، شهدت الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة ضربات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت نووية داخل إيران، يُعتقد أنها أسفرت عن مقتل قيادات عسكرية بارزة، من بينهم قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وعدد من العلماء العاملين في البرنامج النووي الإيراني.
"الوعد الصادق 3": رد إيراني غير مسبوق
ردًا على الهجوم، أطلقت إيران عملية واسعة النطاق حملت اسم "الوعد الصادق 3"، تضمنت إطلاق نحو 800 مسيّرة وصاروخ كروز باتجاه أهداف داخل إسرائيل، وفق ما أفادت به مصادر رسمية إيرانية. وتُعدّ هذه العملية واحدة من أكبر الهجمات الصاروخية التي تنفّذها طهران بشكل مباشر ضد إسرائيل.
توتّرات متكرّرة وسياقات معقّدة
هذا التصعيد الأخير يأتي في سياق توتر مستمر بين الجانبين، تغذّيه الحرب على غزة، وسلسلة هجمات إسرائيلية استهدفت مواقع وشخصيات إيرانية داخل إيران وخارجها، ردّت عليها طهران مرارًا في عمليات حملت اسم "الوعد الصادق" بمراحلها المختلفة.
أبرز المحطات التصعيدية منذ أكتوبر 2023:
1. استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق – أفريل 2024
في هجوم مباشر، استهدفت إسرائيل القنصلية الإيرانية بدمشق، مما أدى إلى مقتل 7 من عناصر الحرس الثوري، من بينهم العميد محمد رضا زاهدي، أحد أبرز قادة فيلق القدس في سوريا ولبنان.
وردّت إيران بـ"الوعد الصادق 1"، مطلقةً أكثر من 180 صاروخًا ومسيّرة استهدفت قواعد عسكرية داخل إسرائيل، بما في ذلك صواريخ فرط صوتية.
2. اغتيال إسماعيل هنية – جويلية 2024
في حادثة مثيرة للجدل، اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وهو ما اعتُبر اختراقًا كبيرًا للأمن الإيراني.
الرد الإيراني جاء في أكتوبر 2024 ضمن عملية "الوعد الصادق 2"، تخللتها مئات الصواريخ التي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية، وأوقعت خسائر بشرية ومادية.
في المقابل، شنت إسرائيل هجمات محدودة على مواقع إيرانية، ما أدى إلى مقتل جنديين إيرانيين.
3. اغتيال حسن نصر الله – سبتمبر 2024
في تصعيد غير مسبوق، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، أحد أبرز حلفاء طهران في المنطقة. وأثار هذا الحدث صدمة واسعة، خاصة في محور المقاومة، وكان من بين العوامل التي دفعت نحو التصعيد المتواصل.
تأتي هذه التطورات في وقت تُستأنف فيه المحادثات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني، ما يضفي مزيدًا من التعقيد على المشهد. ومع استمرار المواجهات وتوسّع رقعة الأهداف، يبقى خطر الانزلاق نحو حرب إقليمية مفتوحة قائمًا أكثر من أي وقت مضى.
