في لحظة طريفة خرجت عن البروتوكول المعتاد، خطف رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، الأنظار خلال استقباله لنظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني، في قمة المجتمع السياسي الأوروبي التي انعقدت الجمعة 16 ماي 2025 في العاصمة تيرانا.
فبين زخات المطر وعدسات الصحفيين، لم يتردد راما في الانحناء على ركبة واحدة أمام ميلوني، مشبكًا يديه وكأنه يتوسل أو يتقدم بعرض زواج سياسي! خطوة أربكت الحرس والمحيطين، ودعت ميلوني إلى الضحك قائلة: "لا يا إيدي!"، ثم أضافت للصحفيين بالإنجليزية مازحة: "إنه يفعل هذا فقط ليبدو بطوليًا!".
ورغم الطابع الهزلي للمشهد، فإن هذه اللفتة تحمل في طياتها رمزية كبيرة تعكس طبيعة العلاقة التي تربط الزعيمين الأوروبيين. فعلى الرغم من اختلاف انتماءاتهما السياسية — راما ينتمي إلى اليسار الاشتراكي، بينما تقف ميلوني في طليعة اليمين القومي المحافظ — إلا أن العلاقة بينهما تبدو ودية، قائمة على الاحترام المتبادل والانسجام الشخصي.
مشاهد مكرّرة... ورسائل سياسية؟
الغريب أن هذه ليست المرة الأولى التي ينحني فيها راما أمام ميلوني؛ فقد فعل الأمر ذاته مطلع العام الجاري في أبوظبي عندما قدّم لها هدية عيد ميلادها، وكرّرها خلال قمة أذربيجان في 2024. البعض يراها تصرفات عفوية نابعة من شخصية ساخرة ومسرحية يتميز بها راما، الرسام السابق وصاحب الأسلوب غير التقليدي، لكن آخرين قرأوا فيها رمزية سياسية دقيقة.
فإيطاليا في عهد ميلوني تمثل أحد أكبر داعمي طموحات ألبانيا الأوروبية، سواء عبر التمويل المباشر لمراكز استقبال المهاجرين على الأراضي الألبانية أو من خلال دعمها لملف انضمام تيرانا إلى الاتحاد الأوروبي. وبين المداعبة والدبلوماسية، ربما يحاول راما تمرير رسالة شكر غير تقليدية!
ميلوني... "نجمة" الدبلوماسية الأوروبية الجديدة
المشهد أعاد تسليط الضوء على الشخصية السياسية لجورجيا ميلوني، التي باتت تعرف بأسلوبها الحازم والمباشر وقدرتها على كسر الجليد في اللقاءات الدولية، حتى مع خصومها السياسيين. فقد أبدى الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إعجابه بسياستها، كما ظهرت في مواقف ودية مع زعماء مثل ريشي سوناك، رئيس وزراء بريطانيا السابق.
وتأتي زيارتها إلى ألبانيا في سياق حراك دبلوماسي أوروبي نشط، يسبق تنصيب البابا ليو الرابع عشر في روما يوم الأحد، في حدث كنسي-سياسي ينتظر مشاركة أسماء ثقيلة مثل نائب الرئيس الأمريكي جي.دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والأمير إدوارد ممثلًا للعائلة المالكة البريطانية.
بين الركوع والبروتوكول...
لقاء ميلوني وراما يجمع بين الطرافة والبُعد الرمزي في لحظة تختصر الكثير من ديناميكيات أوروبا المعاصرة. فهل هي مجرد مزحة عابرة؟ أم أن الركوع تحت المطر يختزل مشهدًا سياسيًا أوسع، تُعيد فيه دول البلقان ترتيب أوراقها على أبواب أوروبا؟
